أبي ذر فوجدته في باب المسجد ، فأخذت بكُمّه وقلت له : أجب أمير المؤمنين! فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون! دعني اصلّي ركعتين فتركته صلّاهما وأنا خلفه ثمّ بكى بكاءً شديداً ثمّ دعا : «اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كلّ شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعُدّة ، كم من أمر يضعف فيه الفؤاد وتقلّ فيه الحيلة أنزلته بك وشكوته إليك فكشفته عنّي ...» ثمّ التفت إليّ وقال لي : اصنع ما امرت به! فقلت : والله لا أفعل حتّى ولو ظننتُ أني اقتل! وإنّما أخذت بيده فذهبت به وأنا لا أشك أنّه يقتله! فلمّا انتهيت به إلى باب الستر دعا فقال : يا إله جبرئيل .. فلمّا أتمّ دعاءه أدخلته على المنصور.
فاستوى جالساً وقال : قدّمت رجلاً وأخّرت اخرى تقول : أتنحّى عن محمّد (الحسني) فإن يظفر فإنّما الأمر لي! وإن تكن الاخرى كنت قد أحرزت نفسي! ثمّ قال : أما والله لأقتلنّك!
فقال الصادق عليهالسلام : يا أمير المؤمنين! ما فعلت ، فارفق بي! فوالله لقلّ ما أصحبك.
فأذن المنصور له أن ينصرف. وكان عمّه عيسى بن علي العباسي عنده فالتفت إليه وقال له :
يا أبا العباس! الحقه فسله : أبي؟ أم به؟ فخرج يشتدّ حتّى لحقه فقال له : يا أبا عبد الله ، إن أمير المؤمنين يقول لك : أبك؟ أم به؟ فقال : لا ، بل بي. فرجع وأخبر المنصور (فاطمأن).
قال إبراهيم : ثمّ خرجت فوجدت الصادق قاعداً ينتظرني وهو يحمد الله ، فعلّمني ما دعا به (١).
__________________
(١) مهج الدعوات : ١٨٨ عن كتاب فضل الدعاء للصفّار ، وكأن المنصور لم يكتف بالمرّة الاولى فأعاد إحضار الإمام عليهالسلام ، ومختصره في الخرائج والجرائح ٢ : ٦٤٧.