وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لَايُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (١)).
ثمّ جمع أهله وأمرهم أن يدخلوا على عمّه عبد الله بن علي العباسي في السجن فيخبروه بخروج محمّد الحسني ويشاوروه لحربه ، فدخلوا إليه وأخبروه وشاوروه فقال لهم : إن البخل قد قتل ابن سلامة (المنصور)! فمروه فليُخرج الأموال وليُعط الأجناد ، فإن غلَب فما أوشك أن يعود إليه مالهُ ، وإن غُلب لم يقدم صاحبه على درهم! وأن يعجّل الساعة ليأتي الكوفة فيجثم على أكبادهم فإنهم «شيعة أهل البيت» ثمّ يحفظها بالمسالح ، فمن خرج منها أو أتاها ضرب عنقه! ثمّ ليبعث إلى سلم بن قتيبة بالريّ ليأتيه ، وليكتب إلى أهل الشام فليأمرهم ليحملوا إليه على البريد أهل البأس والنجدة ، فليحسن جوائزهم ويوجّهم مع مسلم بن قتيبة. ففعل المنصور كل ذلك.
ثمّ دعا ابن أخيه عيسى بن موسى العباسي وأمره بالمسير لقتال محمّد ، ومعه ابن أخيه محمّد ابن السفاح ، ومحمّد بن زيد بن علي ، والقاسم بن الحسن بن زيد الحسني ، ومحمّد بن عبد الله الجعفري ، وحُميد بن قَحْطبة الطائي ، فنفذ عيسى ومعه أربعة آلاف (٢). وقال المنصور لعيسى : إن فاتك محمد واختفى في المدينة فاقتل منهم من ظفرت به (٣). وقال : لا أُبالي أيّهما قتل صاحبه! ذلك لأنّ عيسى كان ولي عهد السّفاح لما بعد المنصور فالمنصور يكرهه (٤).
__________________
(١) المائدة : ٦٤ فكأنه يحسبهم كاليهود!
(٢) مقاتل الطالبيين : ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٣) أنساب الأشراف ٢ : ١٠٨ ، الحديث ١١٠.
(٤) تذكرة الخواص ٢ : ٩٠ ، والكامل للجزري ٥ : ٥٤٤.