إذ حكّم الحكمين فاختلفت عليه الامة وافترقت الكلمة! ثمّ وثب عليه أنصاره وثقاته و «شيعته» فقتلوه!
ثمّ قام بعده الحسن بن علي (رضي الله عنه) فوالله ما كان برجل! دسّ إليه معاوية : إني أجعلك وليّ عهدي ، وعُرضت عليه الأموال فقبلها وخلعها (الخلافة) وانسلخ له مما كان فيه وسلّمه إليه! وأقبل على النساء يتزوّج اليوم واحدة ويطلق غداً اخرى! فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه!
ثمّ قام من بعده الحسين بن علي (رضي الله عنه) فخدعه أهل كوفة العراق أهل الشقاق والنفاق والإغراق في الفتن ، أهل هذه المدرة السوء فرّق الله بيني وبينها ، فخذلوه وأبرؤوا أنفسهم منه ، فأسلموه حتّى قتل.
ثمّ قام من بعده زيد بن علي ، فخدعه أهل الكوفة وغرَّوه ، فلمّا أظهروه وأخرجوه أسلموه .. فقُتل وصلب بالكُناسة.
ثمّ وثب بنو امية علينا فابتزّونا شرفنا وأذهبونا عزّنا ، وما كان ذلك كلّه إلّا فيهم وبسبب خروجهم! فنفونا عن البلاد مرّة بالطائف ومرّة بالشام ومرّة بالشَّراة (١) إلى آخر خرطياته مما يدلل على نصبه العداء لعلي وابنيه السبطين عليهمالسلام ، فما أشبه الليلة من بني العباس بالبارحة من بني امية ومروان!
بل كان المنصور يتمنّى إخلاص مثل الحجّاج لبني مروان : فقد ذُكر أن المنصور بعد قتل الأخوين محمّد وإبراهيم قال يوماً لجلسائه : تالله ما رأيت رجلاً أنصح من الحجّاج لبني مروان! فقام المسيّب بن زهير الضبّي وقال : يا أمير المؤمنين! ما سبقنا الحجّاج بأمر تخلفنا عنه ، والله ما خلق الله خلقاً أعزّ علينا من نبيّنا وقد أمرتنا بقتل أولاده! فأطعناك وفعلنا ذلك! فهل نصحناك أم لا؟!
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣٠٠ ـ ٣٠١.