فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سحيق (بالي)! فقال : ونحن نحمد الله ونصلّي على محمّد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين.
أما ما قلت من خير فنحن أهله ، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك (المنصور) به أولى وأحرى! يا من ركب غير راحلته وأكل غير زاده ارجع مأزوراً (مذنباً). ثمّ أقبل على الناس فقال لهم : ألا انبئكم بأخفّ الناس يوم القيامة ميزاناً وأبينهم خسراناً؟ هو من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق.
فلم ينطق الوالي بحرف بل نزل من المنبر وخرج من المسجد!
قال الراوي : عبد الله بن سليمان التميمي : فسألت عن الرجل فقيل لي : هذا جعفر بن محمّد (١).
هذا وقد مرّ خبر حشر بقايا الهاشميين يومئذٍ إلى المنصور بالكوفة وحبسهم بها أكثر من شهر ، ثمّ وصف لباس الصادق عليهالسلام بما مرّ لا يناسب المعهود من لباسه وزيّه حسب سائر الأخبار حتّى أن الصوفية كانوا ينكرون عليه ذلك! ثمّ سكوت الوالي وخروجه بلا صلاة يكاد لا يصدَّق ، وهو خبر انفرد به الطوسي مما لا يوافق سائر المصادر.
نعم ، نقل المسعودي عن المنصور خطبة بمعنى هذه قال : لما أخذ المنصور عبد الله بن الحسن وإخوته والذين معه من أهل بيته ، صعد المنبر بالهاشمية فقال : يا أهل خراسان! أنتم «شيعتنا» وأنصارنا وأهل دعوتنا ، ولو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيراً منّا! إن ولد ابن أبي طالب تركناهم والخلافة فلم نعرض لهم لا بقليل ولا بكثير! فقام فيها علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فما أفلح!
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٥٠ ، المجلس ٢ ، الحديث ٦٦. وإنما نرى اسم شبّة بن عقال خطيباً مادحاً للمهدي العباسي ، في مروج الذهب ٣ : ٣١٣ أميراً على المدينة.