ودخل المسجد فرأى جماعة من قريش فسلّم عليهم وقال : مَن أعلم «أهل البيت»؟ قالوا : عبد الله بن الحسن! فقال : قد أتيته فلم أجد عنده شيئاً! فرفع رجل منهم رأسه وقال : ائت جعفر بن محمّد عليهالسلام فهو أعلم «أهل البيت»! فقال له : ويحك إياه أردت ، ولامه بعض من حضر!
فمضى إلى منزله وقرع الباب فخرج إليه غلام فقال له : ادخل يا أخا كلب! فأدهشه! فدخل وهو مضطرب! ونظر فإذا شيخ على مصلّاه ، فسلّم عليه فسأله : من أنت؟ قال : أنا الكلبي النسابة! قال : يا أخا كلب أفتنسب نفسك؟ قال : نعم أنا فلان بن فلان بن فلان ، فقال له : قف ، ويحك أتدري من فلان بن فلان؟ ثمّ ذكر أسماء وقال : أتعرف هذه الأسماء؟ قال : لا والله جعلت فداك ، قال : كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالاً بعيداً وخسروا خسراناً مبيناً! يا أخا كلب ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً (١)) أفتنسبها أنت؟ قال : لا جعلت فداك ، فإن رأيت أن تكفّ عن هذا؟ قال : إنّما قلتَ فقلتُ. واسأل عمّا جئت له.
قال : ما تقول في المسح على الخفّين؟ فتبسّم ثمّ قال : إذا كان يوم القيامة وردَّ الله كلَّ شيء إلى شيئه ، وردّ جلد الغنم إلى الغنم ، فترى أين يذهب مسح هؤلاء؟! ثمّ قال : سل. فقال : أخبرني عن أكل الجرّي. فقال : إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فممّا أخذ منهم بحراً الجرّي والمارماهي والزمار. ثمّ قال : سل. فقال : ما تقول في النبيذ؟ فقال : إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله تغيّر الماء وفساد طبايعهم ، فأمرهم أن ينبذوا فيه ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمد إلى كفّ من التمر فيقذف به في الشنّ ، فمنه شربه
__________________
(١) الفرقان : ٣٨.