يا سالمة! إن الله تعالى خَلق الجنة فطيّبها وطيّب ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألف عام! ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (١)!
ولعلّه مرّة اخرى فتح عينيه وقال لهم : اجمعوا ليّ كلّ من بيني وبينه قرابة! فجمعوهم فنظر إليهم ثمّ قال لهم : إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة (٢).
ومنذ مولد ابنه موسى كان يوصي به أصحابه بالإمامة في أخبار كثيرة ، آخرها ما في مرضه الذي توفي فيه إذ دخل عليه يزيد بن أسباط ، وكان عنده موسى عليهالسلام فأشار إليه وقال : يا يزيد ، أترى هذا الصبيّ ـ أي الولد ـ؟ أخبرك أن يوسف إنّما كان ذنبه عند إخوته الحسد له حتّى طرحوه في الجبّ ، حين أخبرهم أنّه رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر وهم له ساجدون! وكذا لابدّ لهذا الغلام من أن يُحسد!
ثمّ دعا عبد الله وإسحاق ومحمّداً والعباس وأشار إلى موسى وقال لهم : هذا وصيّ الأوصياء ، وعالم علم العلماء ، وشهيد على الأموات والأحياء! ثمّ تلا قوله سبحانه : (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (٣)).
إلّا أنّه عليهالسلام عند موته كأ نّه سجّل وصيّة سمى أوصياءه فيها : المنصور وواليه على المدينة جعفر بن سليمان ، وابنيه عبدالله وموسى ، وامّه حميدة. وفي خبر آخر : المنصور وأبناءه : عبد الله وموسى ومحمّد ومولى له (٤) وسيأتي ما يفسّره. وتعييناً
__________________
(١) الغيبة للطوسي : ١٩٦ ، الحديث ١٦١.
(٢) المحاسن للبرقي (م ٢٨٠ ه) ١ : ١٥٩ ، الحديث ٢٢٥ وفيه قبله مثله عنه عليهالسلام عن جدّه النبي صلىاللهعليهوآله في مرض موته بعد إفاقته عيناً! وقبله مثله مختصراً عن الباقر عليهالسلام. والصدوق في عقاب الأعمال والأمالي.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٤٦ ، والآية من الزخرف : ١٩.
(٤) أُصول الكافي ١ : ٣١٠ ، وبعد القبض على عبد الله المحض وكبار أبنائه ، تكفّل الصادق عليهالسلام من صغارهم : يحيى بن عبد الله المحض وربّاه ، فكان يحيى إذا حدّث عنه يقول :