ليزيد بن المهلّب الأزدي والي خراسان إلى سليمان ، يذكر له فيه : أنّه اجتمع عنده عشرون ألف ألف (مليون). وكأن ابن المهلّب كان يعرف أنّه معزول ، فحمل كلّ ما كان له واستخلف ابنه مخلّداً وصار إلى البصرة وعليها عديّ بن أرطاة عامل عمر ، وقد سبقه كتاب عمر إليه أن يبعث إليه ابن المهلّب ، فأوصل عديّ إليه كتاب عمر فقال : سمعاً وطاعة فحمله إليه مستوثقاً منه. فلمّا وصل إليه قال له : إنّي وجدت لك كتاباً إلى سليمان تذكر فيه أنّه اجتمع عندك عشرون ألف ألف (مليون) فأين هي؟ فأنكر ذلك ثمّ قال : دعني أجمعها لك! قال : تأخذها من الناس مرّة اخرى؟! لا ولا نُعمى عين.
ثمّ ولّى عمر الجرّاح بن عبد الله الحكمي على خراسان وأمره أن يحمل إليه مخلّد المهلّبي ، فحمله إليه ، وكان مخلّد قد انتشرت عنه أخبار عيشته المترفة حتّى بلغت عمر ، وبلغ مخلّداً تغيّر عمر إلى عيشة زاهدة ، فتغيّر مخلّد ودخل على عمر بثياب مشمّرة وقلنسوة بيضاء كالعبّاد الزهّاد! فقال له عمر : هذا خلاف ما بلغني عنك! فقال : أنتم الأئمة إذا أسبلتم أسبلنا وإذا شمّرتم شمّرنا!
وقدمت على الجرّاح في خراسان وفود من التبّت من نواحي الصين يسألونه أن يبعث إليهم من يعرض عليهم الإسلام ، فوجّه إليهم السليط بن عبد الله الحنفي التميمي.
وبلغ عمر عن الجرّاح أنّه يظهر العصبية (العربية) فهو يُغزى الموالي (الفرس) بلا عطاء ، ومن أسلم منهم يأخذ منهم الجزية على بدعة بني امية ، فكتب عمر إليه أن : استخلف عبد الرحمن بن نُعيم الغامدي وأقدم. ففعل ذلك. وكتب عمر إلى عبد الرحمن بعهده على خراسان (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.