وقد مرت أخبار انتصاره لمحمد بن عبد الله الحسني وخروجه معه ، ثمّ اختفائه حتّى علم عدم الطلب عليه فظهر. وبعد وفاة الصادق عليهالسلام صار كما أخبر به يدّعي الإمامة ، فلم ينازعه الكاظم عليهالسلام.
وروى الكليني بسنده عن هشام بن سالم الجواليقي : أن المنصور الدوانيقي كان قد عيّن له عيوناً جواسيس بالمدينة ينظرون من تتّفق عليه شيعة جعفر عليهالسلام فيضربون عنقه! هذا وقد اجتمع الناس على عبد الله بن جعفر الأفطح على أنّه صاحب الأمر بعد أبيه ؛ لأنهم رووا عن أبيه الصادق عليهالسلام : «أن الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة!».
قال هشام : فاتّفقت أنا وصاحب الطاق (محمّد بن علي الأحول الصرّاف الكوفي ، فلعلّهم التقوا في ذي القعدة لموسم الحج) فدخلنا على عبد الله الأفطح نسأله عما كنّا نسأل عنه أباه.
فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال : في مئتين خمسة. فقلنا : ففي مئة؟ قال : درهمان ونصف (١)! فخرجنا من عنده ضُلّالاً وقعدنا باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد ، ونقول : إلى الخوارج؟ إلى المرجئة؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى القدرية؟ (ولا نجد اسمهما فيمن روى نصّ الصادق على الكاظم عليهماالسلام) فنحن كذلك إذ رأيت رجلاً شيخاً لا أعرفه يومي إليّ بيده ، فخفت أن يكون عيناً من عيون المنصور فقلت للأحول : هذا إنّما يريدني وإني خائف على نفسي وعليك فتنحّ عنّي لا تعين على نفسك فتهلك! فتنحّى عنّي. وقمت فتبعت الشيخ وقد عزمت على الموت ، وذلك أني ظننت أني لا أقدر على الخلاص منه.
فما زلت أتبعه حتّى ورد بي على باب دار وخلّاني ومضى ، فإذا خادم بالباب فقال لي : ادخل رحمك الله ؛ فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليهالسلام فابتدأني
__________________
(١) بل المئتان أول نصاب ولا نصاب للزكاة قبلها ، وإنّما قال بها الأفطح قياساً خلافاً للإجماع.