فأظهر المنصور الغضب عليه وقال : والله لأقتلنّه به! فدعا به وقال له : لِمَ قتلت عمّي؟! قال : أنت أمرتني بقتله! قال : لم آمرك بذلك ، فأخرج كتابه إليه وقال : هذا كتابك إليّ فيه! قال : لم أكتبه! فقال : بل لم أقتله وهو عندي. قال : إذن ادفعه إلى المهلّب بن أبي عيسى فدفعه إليه فحبسه عنده (١).
وقال اليعقوبي : سأله يوماً عن عمّه عبد الله فقال : قد مات! فوجّه إلى جماعة من بني العباس وفيهم إسماعيل وعبد الصمد وعيسى أبناء علي أُخوة عبد الله وقال لهم : إني كنت دفعت أخاكم عبد الله بن علي إلى عيسى بن موسى وأمرته أن يحتفظ به ويكرمه ويبرّه! وقد سألته عنه فقال : إنّه قد مات! فأنكرت ستر خبر موته عني وعنكم!
فقال القوم : لو كان مات عبد الله حتف أنفه ما ترك عيسى أن يعلمك ويعلمنا ، بل قتله!
فجمع بينهم وبين عيسى فطالبوه بدمه ، فقال المنصور له : ائت لموته ببينة عادلة وإلّا أقدتك!
فقال : إنّما أردت بما قلت الراحة من حراسته! فأخّروني إلى العشي ، فأخّروه ، فحضر بالعشيّ وأحضر معه عبد الله سوياً صحيحاً! فاتهمه المنصور أنّه أراد أن يعرف ما عندهم فإذا احتملوا ذلك قتله!
ثمّ أمر المنصور فبُني لعمّه عبد الله في الدار بيت ، وأجرى على أساسه الماء فسقط عليه فمات عام (١٤٩ ه) (٢) وتحجّج بذلك لخلع عيسى بن موسى عن ولاية عهده بعهده ، وعقدها لابنه المهديّ.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣٠٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.