وكان مقرئاً للقرآن ، ولعلّه لعماه بالولادة لم تتحرّج امرأة أن تتعلّم منه القرآن ، فمازحها يوماً بشيء ، ثمّ قدم على الباقر عليهالسلام فقال له : يا أبا بصير ، أي شيء قلت للمرأة؟ قال : قلت بيدي هكذا ، وغطيت وجهي! فقال عليهالسلام : لا تعودنَّ إليها (١)!
ولما خلفه الصادق عليهالسلام قال أبو بصير : أردت أن يعطيني من دلالة الإمامة مثل ما أعطاني أبوه ، فدخلت عليه جنباً! فقال لي : يا أبا محمّد! أما كان لك شغل بما كنت فيه! تدخل عليَّ وأنت جنب! فقلت : ما عملته إلّاعمداً! فقال : أو لم تؤمن؟! قلت : بلى ولكن ليطمئنّ قلبي. قال : فقم واغتسل. فعند ذلك قلت إنّه إمام ، وقمت واغتسلت وعدت إلى مجلسي (٢).
وهو أسدي نقل عن علباء بن درّاع الأسدي الكوفي أنّه ولى البحرين لبني امية فأفاد عبيداً ودواب وسبعين أو سبعمئة ألف دينار! فلمّا سقطوا حمل ذلك كلّه إلى المدينة (سنة ١٣٢ ه ظ) ودخل على الصادق عليهالسلام وقال له : علمتُ أن الله عزوجل لم يجعل ذلك لهم وأ نّه لك! فقال له : هاته ، فحمل المال حتّى وضعه بين يديه! فقال له : قد قبلناه منك وأحللناك منه ووهبناه لك! وضمنّا لك على الله الجنة!
وكأنّ ضمان الجنة له كان كناية عن دنوّ أجله ، وحضره مولاهم أبو بصير الأسدي فقال له : إن الصادق عليهالسلام قد ضمن لي الجنة فأَذكِره ذلك. فلمّا دخل أبو بصير عليه قال له : حضرتَ علباء عند موته؟ قال : قلت : نعم فأخبرني أنّك
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٧٣ ، الحديث ٢٥٩.
(٢) كشف الغمة ٣ : ٢١٢ عن كتاب الدلائل لمحمد بن عبد الله الحميري (ق ٣ ه) ، وعنه في دلائل الإمامة للطبري الإمامي : ٢٦٥ برقم ١٩٥ والخرائج والمناقب. وفي لفظ الإرشاد ٢ : ١٨٥ : نظر إليّ ... فكيف وهو مكفوف البصر؟! والمراد به يحيى وليس ليث المرادي كما في قاموس الرجال ٨ : ٦٢٩.