وجعل ينادي عليه! فأتاه قومه يقولون له : فضحتنا! فقال : إن مولاي أمرني بأمر فلن أبرح حتّى أفرغ من بيع باقي هذه القوصرة. ثمّ قالوا له : إذا أبيتنا إلّاأن تشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحّانين! فهيّأ رحاً وجملاً وجعل يطحن للناس! وكان من العُبّاد في زمانه (١).
وعلى عهد إمامة الصادق عليهالسلام أخذ يتردّد عليه بالمدينة حتّى قال : لقيت جعفر بن محمّد عليهماالسلام فسمعت منه ستة عشر ألف حديث أو مسألة (٢) حتّى قال فيه عليهالسلام : ما أحد أحيا أحاديث أبي إلّازرارة وأبو بصير ومحمّد بن مسلم وبريد العجلي ، هؤلاء امناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا ، هؤلاء حفّاظ الدين ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الأمر (التشيع) كان أبي ائتمنهم على حلال الله وحرامه ، وكانوا عيبة علمه. هم أصحاب أبي حقاً ، وكذلك اليوم هم عندي مستودع سرّي ، ونجوم «شيعتي» بهم يكشف الله كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأويل «الغالين»! ثمّ بكى وقال : هم بريد العجلي وزرارة وأبو بصير ومحمّد بن مسلم. من عليهم صلوات الله ورحمته أحياءً وأمواتاً. هم من الذين قال الله فيهم : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (٣)).
وفيه بسنده عن ابن أبي يعفور الكوفي قال : قلت للصادق عليهالسلام : إنّه لا يمكن القدوم (إليك) وألقاك كلّ ساعة ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني عنه فما أفعل؟ قال : فما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفي! فإنه قد سمع من أبي وكان وجيهاً عنده (٤) وأدرك الكاظم ثمّ توفي كما مرّ.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٦٥ ، ذيل الحديث ٢٧٨.
(٢) المصدر : ١٦٣ ، الحديث ٢٧٦ ، و ١٦٧ ، الحديث ٢٨٠.
(٣) المصدر : ١٣٦ و ٧٣٧ ، الحديث ٢١٨ ـ ٢٢٠. والآيتان من الواقعة : ١٠ ـ ١١.
(٤) المصدر : ١٦١ ، الحديث ٢٧٣.