وكأنّه في أثناء ذلك كان ما أرسله الحلبي عن داود بن كثير الرقي قال : بلغ السيّد أنّه ذُكر عند الصادق عليهالسلام فقال : السيّد كافر (أي بالحجّة) فأتاه وقال له : يا سيدي! أنا كافر! مع شدّة حبّي لكم ومعاداة الناس فيكم؟! قال : وما ينفعك وأنت كافر بحجة الدهر والزمان؟!
ثمّ أخذه بيده وأدخله بيتاً ، فإذا في البيت قبر! فصلّى ركعتين ، ثمّ ضرب بيده على القبر فانشق وخرج منه شخص ينفض التراب عن رأسه ولحيته! فسأله الصادق : من أنت؟ قال : أنا محمّد بن علي المسمّى بابن الحنفية! قال : فمن أنا؟ قال : جعفر بن محمّد حجة الدهر والزمان! فخرج السيّد يقول : «تجعفرت» باسم الله في من «تجعفرا» (١) وهذا هو ما أشار إليه في خبر الصدوق عنه قال : «بالدلائل التي شاهدتها منه» وهو يشبه إنطاق الحجر الأسود الذي سمعه عنه من قبل.
وكأنّه قصد أبا بُجير الأسدي مرّة أُخرى ولم يخبره بذلك حتّى قال له : لو كان مذهبك الإمامة لقلتَ فيها شعراً! فأنشده قصيدته تلك ، فسجد لله شكراً ، ثمّ قال له : الحمد لله إذ لم يذهب حبّي لك باطلاً ، ثمّ أمر له بمال وكُراع ورقيق.
وكان راويتاه حيان السرّاج وخلف الحادي كيسانيين ، فلمّا حدّث الحاديَ بحديث ابن بُجير الأسدي قال له : فأنت على ما كنتُ أعرف أو على هذا المذهب (الجعفري) فما صارحه بل مازحه منشداً :
خذا جنب هَرشى أو قفاه ، فإنه |
|
كلا جانبي هَرشى لهنّ طريق (٢) |
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٦٦ ، وكان اللقاء بمكة في الموسم ، كما في طبقات الشعراء : ٣٣ لابن المعتز ، كما عنه في الغدير ٣ : ٣٥.
(٢) عن أخبار السيّد الحميري في الغدير ٣ : ٣٥٥ ـ ٣٥٦.