رجل من أهل المدينة نخّاس يجلب الجواري إليها للبيع ، رحل إلى المغرب (العربي فيما بعد) واشترى جارية وصيفة من أقصى المغرب واصطحبها لمقرّه ، فلقيتْه امرأة من أهل الكتاب (النصارى) ورأت معه الوصيفة فكأ نّها تفرّست فيها شيئاً ، فسألت الرجل : ما هذه الوصيفة معك؟ قال : اشتريتها لنفسي! فقالت : إن هذه الجارية ما ينبغي أن تكون عندك! بل إنّما ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض! فلا تلبث حتّى تلد منه غلاماً ما يولد مثله بشرق الأرض ولا غربها!
ثمّ اشترى الرجل سبع جوار اخرى وحملهن معه إلى المدينة. فروى الكليني بسنده عن هشام بن الأحمر أنّه دخل على الكاظم عليهالسلام فقال له : هل علمت أحداً قدم من المغرب؟ قال : لا ، قال : بلى قد قدم ، فانطلق بنا إليه. قال : فركب وركبت معه حتّى انتهينا إلى الرجل فإذا هو رجل من أهل المدينة ومعه رقيق ، فقلت له : اعرض علينا. فعرض علينا سبع جوار ، وأبوالحسن يقول : لا حاجة لي فيها ، ثمّ قال له : إعرض علينا. فقال : ما عندي إلّاجارية مريضة وأبى أن يعرضها ، فانصرف الكاظم عليهالسلام.
قال هشام : ثمّ أرسل عليّ في الغد وأرسلني إليه وقال لي : قل له : كم كان غايتك فيها؟ فإذا قال كذا وكذا فقل : قد أخذتها! فأتيته فقال : ما أنقُصها من كذا وكذا ، فقلت : قد أخذتها. فقال : هي لك ، ما عندي أكثر من هذا! فأخبَرني عن قول المرأة من أهل الكتاب بالمغرب ـ كما مرّ قال : فأتيت بها إلى الكاظم عليهالسلام (١).
وكأنّه عليهالسلام اشتراها لُامّه حميدة المصفّاة ، وكانت جارية مولّدة نشأت بين العرب وتأدّبت بآدابهم ، واسمها بالعربية : تُكتم. وكانت أفضل امرأة في دينها وعقلها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتّى أنّها من إجلالها لمولاتها
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٤٨٦ ـ ٤٨٧ ، باب مولد الرضا عليهالسلام ، الحديث الأوّل ، وعيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٩٧ ، الباب ٣ ، الحديث ٩.