ونقل السيوطي عن الاصفهاني عن عمر بن اسيد قال : والله ما مات عمر حتّى أغنى الناس ، وحتّى أن الرجل كان يأتينا بالمال يقول : اجعلوا هذا حيث ترون ، فنجد عمر قد أغنى الناس (١).
هذا ، ولكنّه زاد في اعطيات أهل الشامات عشرة دنانير دون أهل العراق (٢)!
نعم ، جعل على الكوفة عبد الحميد العدوي حفيد جدّه لُامه عمر بن الخطاب (٣) ، وكتب إليه : أما بعد ، فإنّ أهل الكوفة أصابهم بلاء وشدة في أحكام الله ، وسنّة خبيثة! سنّها عليهم عمّال السوء! وإن قوام الدين العدل والإحسان ، فلا يكن شيء أهم إليك من نفسك فلا تحملها قليلاً من الإثم ، ولا تحمل خراباً على عامر ، وخذ من العامر ما يطيق وأصلح غيره حتّى يعمر ، ولا تأخذ من العامر إلّا وظيفة الخراج في رفق وتسكين لأهل الأرض.
ولا تأخذ من اجور الضرّابين ، ولا هدية النوروز والمهرجان ، ولا ثمن المصحف ، ولا من اجور البيوت ، ولا من (مهور) النكاح! ولا خراج على من أسلم من أهل الأرض.
ولا تعجل دوني بقطع ولا صلب حتّى تراجعني فيه! ومن أراد من الذرية الحج فعجّل له مئة (دينار) ليحجّ بها ، والسلام (٤).
وكأنّه بما أظهر من العدل والإحسان وإيتاء ذوي قربى النبيّ ومنع لعن الوصيّ عليهالسلام ، كان يتوقع من الإمام الباقر عليهالسلام الكلام الجميل مدحاً وتقريضاً ، فلمّا لم يجد ذلك بدأ هو فكتب إلى أبي جعفر عليهالسلام يختبره ، فأجابه الإمام بكلام فيه وعظ
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٨١ عن حلية الأولياء.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٠٦.
(٣) تاريخ خليفة : ٢٠٦.
(٤) انظر الإمام الصادق لأسد حيدر ١ : ١٦٤.