فأمر كاتبه أن يكتب إليه فيما يكتب : فعليك بتقوى الله والرعيّة الرعيّة ، فإنّك لن تبقى بعدي إلّاقليلاً! والسلام (١).
وكان مرضه عشرين يوماً (٢).
ونقل المعتزلي عن رسالة الجاحظ قال عمر : لولا بيعة في أعناق الناس (أخذها سليمان) ليزيد بن عبد الملك (ابن عاتكة) لجعلت هذا الأمر شورى بين القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، وسالم بن عبد الله بن عمر! وحفيد عمرو بن سعيد الأشدق! فقال الجاحظ : لم يكن عنده من يصلح للشورى أحد من بني هاشم؟! بل دبّر الأمر ليبايع لأخيه أبي بكر بن عبد العزيز من بعده ، فعاجلوه بالسم!
قال : وكان قد قدم عليه عبد الله بن الحسن المثنّى ، فلمّا رأى بيانه وكماله وعرف نسبه وموضعه وكيف ذلك في صدور المؤمنين وقلوب المسلمين ، قال له : إلحق بأهلك فإني أخاف عليك طواعين أو طواغيت الشام ، وسنلحقك بحوائجك على ما تشتهي! ولم يَدْعه يبيت بالشام ليلة واحدة! لأنّه كره أن يروه ، ويسمعوه فلعله يبذّر في قلوبهم بذراً!
وكان ـ مع جهله بالكلام وقلة اختلافه إلى أهل النظر ـ من أعظم خلق الله قولاً بالجبر! وكان يضع في ذلك الكتاب (٣) ولعل منه أنّه لما مرض قيل له : لو تداويت؟ فقال : لقد علمت الساعة التي سقيت فيها ، ولو كان شفائي أن أمسح شحمة اذني ما فعلت (٤)!
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩٢ عن حلية الأولياء للإصفهاني.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٥٦٥ ، وهذا خلاف الأعراف الشرعية.
(٣) شرح النهج للمعتزلي ١٥ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ عن رسالة الجاحظ ، وخالفه غيلان الدمشقي فاستتابه ، كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩٠.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩١ عن الحلية ، ونحوه في مختصر تاريخ الدول : ١١٥.