وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر ، وكان أسمر حسن الوجه نحيف الجسم ، حسن اللحية ، غائر العينين ، بوجهه أثر من ضربة دابة في صباه ، قد وخطه الشيب (١) وقال : قبره مشهور في هذا الموضع إلى هذه الغاية (كتابة مروج الذهب) يغشاه كثير من الناس من الحاضرة والبادية ، لم يتعرّض أحد لنبشه كما تعرّضوا لقبور غيره من بني امية (٢) ونقل ابن الوردي وأيّد أنّ دير سمعان الآن (كتابة تاريخه) هو المعروف بدير النُقيرة من نواحي معرة النعمان وقبره بها مشهور يزار ، وأنا زرته مراراً (٣).
وقال السيوطي : لأنّ عمر شدّد على بني امية وانتزع من أيديهم كثيراً ممّا غصبوه ، تبرّموا منه ، وكان هو قد أهمل التحرّز ، فسقوه سمّاً ، فكان وفاته بالسم.
ثمّ نقل عن مجاهد قال : عدت عمر بن عبد العزيز ، فقال لي : ما يقول الناس فيّ؟ قلت : يقولون : إنّه مسحور! قال : ما أنا بمسحور ، ثمّ دعا غلاماً له فقال له : ويحك! ما حملك على أن تسقيني السمّ؟ قال : على أن اعتق وقد اعطيت بذلك ألف دينار! فقال له : هاتها واذهب حيث لا يراك أحد! فجاءه بها وذهب ، فألقاها عمر في بيت المال (٤).
وكان عمر يومذاك في قرية خناصرة ، والوليّ بعده بسابق عهد من سليمان أخوه يزيد بن عبد الملك بدمشق ، فكأنّ عمر شعر به من وراء الغلام ،
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٢٧٦ ، وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩٠ : كان آخر خليفة أصلع! بعد مروان وعثمان!
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٨٢.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٧٢.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩٢ ـ ٢٩٣.