قال اليعقوبي : وكساها القُباطي والخزّ والديباج ، وطلّى جدرانها من أعلاها إلى أسفلها بالمسك والعنبر. ولم تكن في وسط المسجد ، فاشترى من مجاوريها دورهم ومنازلهم وهدمها وزادها في المسجد وصيّر الكعبة في الوسط. وكتب إلى عامله على مصر مولاه واضح أن يحمل ما يُحتاج إليه من الذهب والفسيفساء وسلاسل القناديل والآلات فيسلّمها إلى محمّد بن عبد الرحمن ويقطين بن موسى (أبي علي بن يقطين) فحُمل في البحر من مصر : أربعمئة وأربع وثمانون اسطوانة بطول عشرة أذرع ، وبنى في المسجد أربعمئة طاق وثمانية وتسعين طاقاً! وجعل أبواب المسجد ثلاثة وعشرين باباً! وصار بين الصفا والمروة سبعمئة وأربع وخمسون ذراعاً! وبنى المعلمَين الذَين يُسعى بينهما بالهرولة بين الصفا والمروة. وصار طول المسجد من باب بني جُمح إلى باب بني هاشم إلى العلَم الأخضر : أربعمئة ذراع وأربع أذرع ، وصار مجموع الذرع المكسّر للمسجد : مئة وعشرين ألف ذراع! من باب بني شيبة إلى الكعبة ستون ذراعاً ومن الكعبة إلى باب الصفا تسعون ذراعاً.
وفي المدينة وسّع مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى ضعف ما كان عليه ، وكذلك حمل إليه عُمد الرخام والفسيفساء والذهب ، ورفع سقفه ، وألبس خارج القبر الرخام (١).
وبقيت دار امتنع أربابها على يقطين بن موسى أن يبيعوها لتربيع المسجد الحرام ، ولم يجوّز الفقهاء ذلك. فقال له علي بن يقطين : يا أمير المؤمنين! لو كتبت إلى موسى بن جعفر عليهالسلام لأخبرك بوجه الأمر في ذلك.
فكتب إلى والي المدينة : أن سل موسى بن جعفر عن دار أردنا أن ندخلها في المسجد الحرام فامتنع علينا صاحبها ، فكيف المخرج عن ذلك؟ فقال له
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.