وكان هارون قد بعث على إخوانه وأصحابه فأخذ الخلق به! ووافى هشام الكوفة وكان يعرف بها بشير النبّال من حملة الحديث من أصحاب الصادق عليهالسلام فأخبره الخبر ، ثمّ اعتل علة شديدة ، فقال له بشير : آتيك بطبيب؟ قال : لا ، أنا ميت (١)! ثمّ أجابهم إليه ، فأدخل عليه جماعة من الأطباء فكان إذا دخل الطبيب عليه وأمره بشيء ، سأله : يا هذا هل وقفت على علتي؟ فإذا أخبره كذّبه فيسأله عن علته فيقول : علّتي فزع القلب مما أصابني من الخوف! كان (كأنه) قدّم ليضرب عنقه ، فأفزع ذلك قلبه (٢).
فلما حضره الموت قال لبشير : إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل وضعني بالكُناسة ، ثمّ اكتب عليَّ رقعة : هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين! مات حتف أنفه! ففعل بشير ذلك ، فلما أصبح أهل الكوفة رأوه فحضره العامل وأحضر القاضي والمعدّلين وكتبوا بذلك محضراً إلى الرشيد ، فخلّى عن من كان أُخذ به من إخوته وأصحابه (٣).
قال الفضل بن شاذان النيشابوري : مات هشام بالكوفة سنة (١٧٩ ه) (٤) وحيث مرّ الخبر الذي أسنده الكشي عن صاحب هشام : يونس بن عبد الرحمن : أن وصف هشام للإمام وتطبيقه من قبل جعفر البرمكي على الكاظم عليهالسلام كان من أسباب حبس الرشيد له ، حمل بعضهم على أن رووا أنهم سألوا الرضا عليهالسلام عن هشام بن الحكم ، فقال عليهالسلام : هو ضال مضل ، شرك في دم أبي الحسن عليهالسلام هكذا
__________________
(١) كمال الدين : ٣٦٨.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، الحديث ٤٧٦.
(٣) كمال الدين : ٣٦٨.
(٤) اختيار معرفة الرجال : ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، الحديث ٤٧٥.