عن البصرة وواسط في جموع كثيفة عظيمة فالتقوا بالعقر من بلاد بابل فاقتتلوا قتالاً شديداً. واصيب ابن المهلّب في بطنه فأصبح مبطوناً شديد العلة مصفرَّ الوجه حتّى كان مَسلمة يسمّيه الجرادة الصفراء! ولم يبرح مع ذلك حتّى قتل وعدة من إخوته في جمع من أهل العراق ، وانهزم الجمع وولّوا الدبر ، وذلك في سنة (١٠٢) في الثاني عشر من شهر صفر.
وكان ابن المهلّب قد خلّف بواسط أهل بيته مع ابنه معاوية وجمعٍ من أنصاره ، فلمّا انتهى خبر مقتله إلى ابنه معاوية أخرج عديّ بن أرطاة الفزاري ومن معه من السجن وقتلهم ، ثمّ أعدّ سفناً فركبها بمن معه من أهل بيته وأنصاره إلى البصرة ثمّ في البحر إلى قندابيل من أرض السند. فوجّه مَسلمة بن عبد الملك لاتّباعه جمعاً مع هلال بن أحوز المازني فلحقهم بها فقتل جمعاً منهم وأسر نفراً يسيراً من الباقين ، فحملهم إلى يزيد بدمشق ومعهم خمسون امرأة حبسهنّ بدمشق (١) ونادى مناديه : من كان له قِبل آل المهلّب دم فليقم ولينتقم منهم (عشوائياً وليس شرعياً) فدفعهم إليهم نحواً من ثمانين. ثمّ عزل أخاه مَسلمة عن العراق في آخر تلك السنة ، وجمع العراقَين لعمر بن هبيرة الفزاري (٢).
وكان ذلك بعد انقضاء حرب ابن المهلّب وقتلهم ، فلقي جماعة من آل المهلب أسرى في الحديد في طريقهم إلى الشام فردّهم ، وكتب فيهم كتاباً إلى يزيد بأن الإحسان إليهم يعمّ قومهم ، فأبى يزيد وسبّه وشتمه ، فعاوده الفزاري وكتب إليه : إنّهم ليسوا بعشيرتي وما أردت إلّاالنظر لأمير المؤمنين في تأ لّف عشائرهم لئلّا تفسد قلوبهم وطاعتهم. فقبل بذلك يزيدُ وفكّ الفزاريُّ أسرهم (٣).
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٠٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، والتنبيه والاشراف : ٢٧٧ ـ ٢٧٨.
(٢) تاريخ خليفة : ٢١٠.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣١٢.