فروى ابن عياش : أنه لما قتل حمزة بعث رسول الله عيناً فأتاه بابنة حمزة فسوّغها الميراث كلّه (١) أي لم يورّث العُصبة إخوة حمزة.
وكأنّ الرشيد كان غافلاً عن ذلك ، فروى الصدوق أنه سأل الكاظم عليهالسلام عن ذلك ، ويظهر من الخبر أنه كان في الموسم بمكة ، فاستند الإمام إلى قول علي عليهالسلام قال : «ليس مع ولد الصلب ـ ذكراً كان أو انثى ـ لأحد سهم. إلّاللأبوين والزوج أو الزوجة» وأن هذا لا يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ، ولم ينطق به الكتاب ، إلّاأن تيماً وعدياً وأُمية قالوا : «العمّ والد» وأياً منهم بلا أثر عن النبي صلىاللهعليهوآله. ومن قال بقول علي عليهالسلام من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء ، هذا نوح بن درّاج يقول في هذه المسألة بقول علي عليهالسلام وقد حكم به ، وقد ولّاه الخليفة أقضية الكوفة.
فأمر الخليفة بإحضاره ، واحضار من يقول بخلافه : إبراهيم المدني وسفيان الثوري والفضيل بن عياش السمرقندي المكي المجاور ، فلعلّهم كانوا في الموسم بمكة فأقروا أنه قول علي عليهالسلام في هذه المسألة. فقال لهم : فلم لا تفتون به وقد قضى به نوح بن درّاج؟ فقالوا : جَسِر نوح وجبنّا (٢)! فهل هم جسروا بعد هذا أم ظلوا وأظلّوا السبيل؟! ولو جَسِروا لنُقل.
قالوا : ونقلوه للقضاء ببغداد الشرقية ، وفقد بصره غير ظاهر واستمر قاضياً كذلك ثلاث سنين ثمّ ظهر أمره فصُرف عن القضاء ، وتوفي في (١٨٢ ه) (٣) سنة وفاة علي بن يقطين ، قبل وفاة الكاظم عليهالسلام.
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٣١٠ ، ٣١١ وفيه : وورّثها.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، الباب ٢٨ ، الحديث ٩١.
(٣) عن الذهبي في قاموس الرجال ١٠ : ٤٠٩ ، برقم ٨٠٤٨. وكان من موالي النخع من همدان بالكوفة. وانظر تقريب التهذيب ٢ : ٣٠٨ برقم ١٦٤ ، والعقد الفريد ٥ : ١١٨ ، والجرح والتعديل ٨ : ٤٨٤.