قال ابن البطائني : بلى والله إنّ هذا لفي الحديث.
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : ويلك كيف اجترأت عليَّ بشيء تدع بعضه؟! ثمّ قال له : يا شيخ اتقِ الله ولا تكن من الصادّين عن دين الله (١)!
وكأنّ الحسين بن أبي سعيد المكاري هنا أراد استدراك الموقف فقال للرضا عليهالسلام : أسألك عن مسألة؟ قال له : إنك لست من أتباعي ما أخالك تسمع مني ، سل.
فقال له : رجل حضرته الوفاة فقال : ما ملكته قديماً فهو حرّ ، وما لم أملكه قديماً فلا؟
قال الرضا عليهالسلام : ويلك أما تقرأ هذه الآية : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٢)) (والعرجون القديم لا يكون إلّافي ستة أشهر) فما ملك الرجل قبل ستة أشهر فهو قديم ، وما ملك بعد الستة أشهر فليس بقديم.
وكأنّه احتج على الإمام عليهالسلام بما رووه ما ظاهره أنّ القائم أبوه الكاظم ، فقال عليهالسلام : أما علمت أنّ الله «جلّ وعلا» أوحى إلى عمران : أنّي واهب لك ذكراً ، فوهب له مريم ثمّ وهب لمريم عيسى ، فعيسى من مريم ، وأنا وأبي شيء واحد ؛ أنا من أبي وأبي مني.
فقال ابن المكاري : أبَلغ الله بك من قدرك أن تدعي ما ادّعى أبوك؟! فتحت بابك وقعدت للناس تفتيهم! ولم يكن أبوك يفعل هذا. فقال عليهالسلام : ليس عليَّ بأس من هارون! أطفأ الله نور قلبك وأدخل الفقر بيتك!
فهم كانوا يحاولون حمله عليهالسلام على سدّ بابه ولو تلويحاً بشدّة بطش الرشيد ، فلمّا لم يفلحوا في ذلك أخذ البطايني يقول لأتباعه : إنّ أبا الحسن الكاظم سيعود
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٤٦٣ ، الحديث ٨٨٣.
(٢) يس : ٣٩.