فقال الرضا عليهالسلام : ويلكم! وبمَ أمكنت؟ أتريد أن آتي بغداد وأقول لهارون : أنا إمام مفترض الطاعة؟! والله ما ذاك عليَّ ، وإنّما قلت ذلك لكم لما بلغني من اختلاف كلمتكم وتشتّت أمركم ، لئلّا يصير سرّكم في يد عدوّكم.
فقال ابن البطايني : لقد أظهرت شيئاً ما كان أحد من آبائك يظهره ولا يتكلم به!
قال عليهالسلام : بلى والله لقد تكلّم به خير آبائي رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أمره الله أن ينذر عشيرته الأقربين ، جمع من أهل بيته أربعين رجلاً وقال لهم : إنّي رسول الله إليكم ، وكان أشدّهم تكذيباً له وتأليباً عليه عمّه أبو لهب ، فقال لهم النبيّ : إن خدشني منه خدش فلست بنبيّ! وهذا أوّل ما ابدع لكم من آية النبوة! وأنا أقول : إن خدشني هارون خدشاً فلست بإمام ، وهذا أوّل ما ابدع لكم من آية الإمامة!
قال ابن البطايني : إنّا رُوينا عن آبائك : أنّ الإمام لا يلي أمره إلّاإمام مثله.
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : فأخبرني عن الحسين بن علي عليهالسلام كان إماماً أو غير إمام؟ قال : كان إماماً! قال : فمن ولي أمره؟ قال : علي بن الحسين. قال : وأين كان علي بن الحسين؟ قال : كان بالكوفة محبوساً بيد عبيد الله بن زياد ، خرج وهم لا يعلمون حتّى ولى أمر أبيه ثمّ انصرف.
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : إنّ الذي أمكن علي بن الحسين أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه يمكِّن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه ثمّ ينصرف ، وليس في حبس ولا في أسار!
ولم يكن يومئذ للرضا عليهالسلام ولد ، فقال له ابن البطايني : فإنّا روينا أنّ الإمام لا يمضي حتّى يرى عقبه؟
قال عليهالسلام : أما رويتم في هذا الحديث غير هذا؟ قال : لا. قال : بلى والله لقد رويتم فيه : «إلّاالقائم» وأنتم لا تدرون لِمَ قيل ذلك وما معناه.