فرجع وأوى إلى خربة فإذا فيها ركب يقول بعضهم : نرتحل ، ويقول آخرون : إنّ فضيلاً على الطريق يقطع علينا فحتى نُصبح. فعرّفهم بنفسه وآمنهم (١).
ثمّ قدم العراق فالكوفة وسمع من المنصور بن المعتمر وغيره ، ثمّ انتقل إلى مكة وتعبّد بها وأقام حتّى مات. وفي سنة حجّ الرشيد ، وأدخلوه إليه مع سفيان بن عُيينة ، فلمّا عرف الرشيد قال له : أنت يا حسن الوجه! الذي في عنقك ويدك أمر هذه الأُمة؟! لقد تقلّدت أمراً عظيماً! فبكى الرشيد!
ثمّ أمر لهم ببُدر فقبلوها غير فضيل فقال له الرشيد : يا أبا علي ، إن لم تستحلّها فأعطها ذادَين وأشبع بها جائعاً واكسُ بها عرياناً! فاستعفاه وخرج ، فقال له سفيان : ألا أخذتها وصرفتها في أبواب البر؟! فقال له : يا أبا محمّد! أنت فقيه البلد المنظور إليه وتغلط مثل هذا الغلط! لو طابت لأُولئك لطابت لي (٢).
وله كتاب أخبار عن الصادق عليهالسلام ذكر طريقه إليه النجاشي (٣) ولا يُستبعد أن يكون هو ما دعي بمصباح الشريعة ، قال النوري : أعتقد أنّه جمعه من ملتقطات كلامه في مجالس وعظه ونصيحته ، فلو فُرض فيه شيء يخالف مضمونه بعض ما في غيره وتعذر تأويله فهو منه على حسب مذهبه العامي ، لا من كذبه وفريته فإنّه قد وثّقه النجاشي (٤).
وروى الصدوق أنّه كان يفتي بالتعصيب لعصبة الأب والعمّ ، وأحضره الرشيد فأقرّ أنّه خلاف قول علي عليهالسلام ، وأ نّه قد جبُن عن الفتوى بقوله عليهالسلام (٥).
__________________
(١) سفينة البحار ٧ : ١٠٣.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤.
(٣) رجال النجاءك : ٣١٠ ، رقم ٨٤٧.
(٤) مستدرك الوسائل ١٩ : ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.