ربيعة (الموصل) فنجبي الأموال ونجمع الرجال ، ثمّ نتوسط الشام ثمّ مصر فنتكاثر من الأموال والرجال ، فنُعيد الدولة جديدة! فوافقهم.
ولكن كان لطاهر في جوف ديار الأمين غلمان وخدم من خاصة الأمين يبعثون إليه بالأخبار ساعة فساعة ، فخرج هذا الخبر إلى طاهر من وقته! وكان مع الأمين سليمان بن المنصور والسندي بن شاهَك وابن نُهيك فأرسل إليهم وهدّدهم ليزيلوا الأمين عن هذا الرأي ، فأزالوه عنه.
وكان هرثمة قد وعده أن يأتيه الليلة في حَرّاقة إلى مشرعة باب خراسان ، فيصير به إلى عسكره هو ومن أحبّ. وبلغ ذلك إلى طاهر. وأتاه هرثمة في الحرّاقة إلى باب خراسان ، فدعا محمّد بفرسه وخرج بطيلسان أسود وقدّامه شمعة حتّى وصل إلى باب خراسان والمشرعة والحرّاقة واقفة فنزل إلى الحرّاقة واستقبله هرثمة فقبّل ما بين عينيه ، ولم يكن مع هرثمة من رجاله إلّاقليل.
وكان قد بلغ إلى طاهر خروجه ، فبعث بالملّاحين في الزوارق ، ونزل بعضهم في الماء عراة فغاصوا تحت الحرّاقة فقلبوها ، وتعلق هرثمة بزورق وصعد من الماء إليه ومضى إلى عسكره.
أمّا الأمين فقد شق ثيابه وسبح ، وكان غلام طاهر قرين الديراني قد عسكر في السراة ، فوقع الأمين إليهم فأخذه بعضهم ومضوا به إلى قائدهم قرين وحملوه إلى طاهر ، فقيل : قُتل في الطريق ، وأخذوا رأسه ومضوا به إلى طاهر.
فلمّا أصبح طاهر أمر برأسه فنصب على باب الحديد نحو قطرُبُل في غربيّ بغداد ، ودفنت جُثته في بستان هناك. ثمّ حُمل رأسه في منديل إلى المأمون في خراسان (١) بل في مرو.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٤١١ ـ ٤١٤ ومثله في اليعقوبي ٢ : ٤٤٠ وفيه : قريش الدنداني بدل قرين الديراني.