والحسن ابني سهل ، فأرسل إليه محمّد بن جعفر يطلب منه الأمان ، فضمن له رجاء الأمان على المأمون وعلى الفضل بن سهل وأن لا يُهاج وأن يوفى له بالأمان ، فقبل محمّد بن جعفر بذلك ودخل به إلى مكة وذلك في العشرين من ذي الحجة الحرام عام (٢٠٠ ه).
فجمع الجُلودي الناس من قريش وغيرهم عند مقام إبراهيم عليهالسلام ووضعوا منبراً رقاه الجلودي ، وألبس محمّد بن جعفر قباءً أسود وقلنسوة سوداء وأقاموه تحت الجُلودي بدرجة فقال للناس : أيها الناس ، أنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليهمالسلام وبعد ، فإنّه كان لعبد الله المأمون أمير المؤمنين! في رقبتي بيعة بالسمع والطاعة بالرضا والرغبة ، وكنت أحد الشهود الذين شهدوا في الكعبة لهارون الرشيد على ابنيه محمّد الخلوع وعبد الله المأمون أمير المؤمنين! ألا وقد كانت فتنة غشيت عامة الأرض منّا ومن غيرنا! وكان نُمي إلى خبرٌ أن عبد الله المأمون قد توفي! فذلك هو الذي دعاني إلى أن بايعو لي بإمرة المؤمنين وأنا قبلت ذلك! ألا وقد بلغني وصحّ عندي أنّه حي سوي! ألا وإني أستغفر الله مما دعوتكم إليه من البيعة ، فقد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني ، كما خلعت خاتمي هذا من إصبعي هذه! وقد أخرجت نفسي من ذلك وردّ الله الحق إلى الخليفة المأمون ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة على محمّد خاتم النبيين ، والسلام عليكم أيها المسلمون. ثمّ نزل (١).
وكان معه جماعة من الطالبيين قاتلوا هارون بن المسيب (بالمدينة) قتالاً شديداً ، فيهم الحسين بن الحسن الحسيني الأفطس ، ومحمّد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى ، ومحمّد بن الحسن السيلق ، وعلي بن الحسين بن عيسى بن زيد ، وعلي بن الحسين بن زيد ، وعلي بن (محمّد بن) جعفر فقتلوا
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٥٤٠.