ثمّ قال : ربّ ربّ حتّى انقطع نفَسه ، ثمّ قال : يا الله يا الله حتّى انقطع نفَسه ، ثمّ قال : يا حيّ يا حيّ حتّى انقطع نفَسه ، ثمّ قال : يا رحيم يا رحيم حتّى انقطع نفَسه ، ثمّ قال : يا أرحم الراحمين سبع مرّات فانقطع نفَسه ، ثمّ قال : اللهمّ إنّي أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه ، وإنّ بُرديّ قد أُخلقا فاكسني.
قال الليث : فوالله ما استتمّ كلامه حتّى نظرت إلى سلّة مملوءة عنباً ، وليس على وجه الأرض يومئذ عنب! وإذا ببردين جديدين موضوعين لم أر مثلهما في الدنيا! فأراد أن يأكل فقلت له : أنا شريكك! فقال لي : وَلِمَ؟ قلت : لأنّك دعوت وأنا اؤمّن! فقال : تقدّم فكُل ولا تُخبِّئ شيئاً! فتقدّمت فأكلت عنباً لم آكل مثله قط وإذا هو عنب لا عجْم له ، فأكلنا حتّى شبعنا ولم تتغيّر السلّة ، وقال : لا تدّخر ولا تخبّئ منه شيئاً!
ثمّ قال لي خذ أحد البُردين ، ثمّ أخذ أحد البُردين ودفع إليّ الآخر. فقلت له : أنا في غنى عنه. فقال لي : فتوارَ عنّي حتّى ألبسهما. فتواريت عنه فاتّزر بأحدهما وارتدى بالآخر ، ثمّ أخذ البردين اللذين كانا عليه فجعلهما على يديه ونزل فاتبعته حتّى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقال له : اكسني يابن رسول الله! كساك الله فإنني عريان! فدفعهما إليه. فقلت له : مَن هذا [الذي قلت له : يابن رسول الله]؟! فقال : هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
قال الليث : فطلبته بعد ذلك لأسمع منه شيئاً فلم أقدر عليه (١).
__________________
(١) دلائل الإمامة : ٢٧٧ ، الحديث ٢١٣ ونقله بعده الحلبي في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٥٣ عن أمالي الكلوداني والوسيلة لعمر الملّا بلا ذكر السنة. وذكره ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول ٢ : ٥٩ و ٦٠ ، وعنه في كشف الغمة ٣ : ١٦١ وذكره عن ابن الجوزي وابن بشكوال وبهامشه مصادر أُخرى ، وذكره سبط ابن الجوزي ٢ : ٤٤٩ ـ ٤٥١ بسنده ، وبهامشه مصادر أُخرى.