قال : نعم ياسيدي ، قد فهمت ، وأنا أشهد أنّ الله تعالى على ماوصفت ووجدت ، وأشهد أنّ محمّداً عبده المبعوث بالهدى ودين الحق. فأسلمَ ثمّ توجّه إلى القبلة وخرّ ساجداً لله .. وكان جَدِلاً لم يقطعه عن حجته أحد منهم قط ، فلمّا رأى المتكلمون ذلك لم يدنُ أحد منهم ولم يسأل. فنهض المأمون والرضا عليهالسلام فدخلا ، وانصرف الناس.
قال الراوي الحسن بن محمّد النوفلي : فلمّا انصرفت إلى منزل الرضا عليهالسلام قال لغلامه : يا غلام ، صِر إلى عمران الصابي فأتني به. وكان قد ذهب إلى بعض إخواننا من «الشيعة» فقلت له : جعلت فداك ، أنا أعرف موضعه عند بعض إخواننا من «الشيعة» قال : فلا بأس ، قرّبوا إليه دابة.
قال النوفَلي : فصرت إلى عمران فأتيته به ، فرحّب به ودعا بكِسوة فخلعها عليه ، ودعا بعشرة آلاف درهم فوصله بها ، ثمّ دعا بالعشاء فأجلسني عن يمينه وأجلس عمران عن يساره ، حتّى إذا فرغنا قال لعمران : انصرف مصاحَباً (بالسلامة) وحمله وقال له : بكّر علينا نطعمك طعام المدينة.
فلمّا علم المأمون بصلة الرضا عليهالسلام لعمران الصابي بعشرة آلاف درهم ، وصله المأمون بمثله! وأعطاه الفضل بن سهل مالاً وحمله!
فكان عمران بعد ذلك يجتمع إليه المتكلمون من أصحاب المقالات فيبطل أمرهم حتّى اجتنبوه!
قال النوفلي : وبعث إليّ محمّد بن جعفر العلوي (عمّ الرضا) فأتيته فقال لي : يا نوفلي! أما رأيت ما جاء به صاحبك (الرضا) لا والله ما ظننت أنّ علي بن موسى خاض في شيء من هذا قط ، ولا عرفناه أنّه كان يتكلم بالمدينة ، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام! فإني أخاف عليه أن يحسده عليه هذا الرجل (المأمون) فيسمّه أو يفعل به بليّة! فأشِر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء! وقل له : إنّ عمّك قد كره هذا الباب ، وأحبّ أن تمسك عن هذه الأشياء ، لخصال شتى!