أخبرنا عن الله تعالى : أين كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شيء كان اعتماده؟
فقال عليهالسلام : إن الله تعالى كيّف الكيف فهو بلا كيف ، وأيّن الأين فهو بلا أين ، وكان اعتماده على قدرته. فقالوا : نشهد أنك عالم (١)!
وكان عنده الجماعة إذ دخل زنديق فقال له : رحمك الله أوجدني كيف هو؟ وأين هو؟ وكأنّه لم يقنع.
فقال الرضا عليهالسلام : ويلك! إنّ الذي ذهبت إليه غلط ، فهو أيّن الأين فكان ولا أين ، وهو كيّف الكيف فكان ولا كيف ، فلا يُعرف بكينونية ولا بأينونية! ولا يقاس بشيء ولا يدرك بحاسّة.
فقال الزنديق : فهو لا شيء إذ لم يدرك بحاسة من الحواس!
فقال أبو الحسن عليهالسلام : ويلك لمّا عجزت حواسك عن إدراكه انكرت ربوبيّته! ونحن إذ عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا ، وأنّه شيء بخلاف الأشياء.
قال الرجل : فأخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن : أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان! قال الرجل : فما الدليل عليه؟ قال : إني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكن زيادة ولا نقصان في العرض والطول ، ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه ، علمت أنّ لهذا البنيان بانياً فأقررت به ، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته ، وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ، ومجرى الشمس والقمر والنجوم ، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات ، علمت أنّ لهذا مقدِّراً ومنشئاً.
قال الرجل : فلِم احتجب؟ فقال أبو الحسن : إنّ الحجاب على الخلق لكثرة ذنوبهم! فأما هو فلا تخفى عليه خافية في آناء الليل والنهار. قال : فلم لا تدركه حاسة الأبصار؟ قال : للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم الأبصار منهم
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١١٧ ، الحديث ٦.