وأما قول الله عزوجل : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً») فإنه يقول : لن يجعل الله لكافر حجة على مؤمن ، ولقد أخبر الله عزوجل عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق ، ومع قتلهم إياهم لن يجعل الله لهم سبيلاً من طريق الحجة على أنبيائه عليهمالسلام (١).
وكان ياسر خادم المأمون للرضا عليهالسلام حاضراً وكأنه قد بلغه عن غلاة الشيعة القول بتفويض الله الأُمور إلى الرسول والأئمة فسأله قال : ما تقول في التفويض؟
فقال عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى نبيّه أمر دينه فقال : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (٢)) فأما الخلق والرزق فلا وإن الله عزوجل يقول : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) قل : (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَىْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣)).
ولعلّ من ذلك إشاعة بعض العباسيين عنهم عليهمالسلام : أنهم يزعمون أنّ الناس عبيد لهم! منهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي ، وحضر محضر الرضا عليهالسلام فخصّه بالخطاب عتاباً وقال : يا إسحاق! بلغني أنّ الناس يقولون : إنّا نزعم أنهم عبيد لنا! لا وقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما قلته قط! ولا سمعت أحداً من آبائي قاله! ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله! ولكنّي أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، ومَوالٍ لنا في الدين. فليبلّغ الشاهد الغائب (٤).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٠٣ ، الباب ٤٦ ، الحديث ٥.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ : ٢٠٢ ، الباب ٤٦ ، الحديث ٣. والآية ٤٠ من سورة الروم.
(٤) أُصول الكافي ١ : ١٨٧ ، الحديث ١٠.