قال الحسن بن الجهم : فلمّا انصرف الرضا عليهالسلام إلى منزله تبعته فدخلت عليه وقلت له :
يابن رسول الله ، الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين! (المأمون) ما حمله على ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك!
فقال عليهالسلام : يابن الجهم ، لا يغرك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع مني! فإنه سيقتلني بالسمّ وهو ظالم لي! أنا أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : فاكتم هذا ما دمت حياً (١).
وكان أبو الصلت حاضراً فقال للرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ؛ إن في سواد الكوفة قوماً يزعمون أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقع عليه سهو في صلاته ، فما تقول؟
فقال عليهالسلام : كذبوا لعنهم الله ، إنّ الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلّاهو!
فقال : يابن رسول الله ، وفيهم قوم يزعمون أنّ الحسين بن علي أُلقي شبهه على حنظلة بن أسعد الشبامي (فقتل بدله) ورفع هو إلى السماء كما رُفع عيسى بن مريم ، ويحتجون بهذه الآية : (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (٢)) فما تقول؟
فقال عليهالسلام : كذبوا وكفروا بتكذيبهم لنبي الله صلىاللهعليهوآله في إخباره بأنّ الحسين بن علي سيقتل ، والله لقد قُتل الحسين ، وقتل من كان خيراً من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن علي عليهمالسلام ، «وما منا إلّامقتول» وإني لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني ، اعرف ذلك بعهد معهود إليّ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أخبره به جبرئيل عن ربّ العالمين عزوجل.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٠٠ ـ ٢٠٢ ، الباب ٤٦ ، الحديث ١.
(٢) النساء : ١٤١.