في الإمامة. فلمّا حضر هو والرضا عليهالسلام وعرضوا عليه ذلك قال لهم الرضا : اقتصروا على واحد منكم يلزمكم ما يلزمه. وكان فيهم رجل لا يُعرف في خراسان مثله في الكلام يعرف بيحيى بن الضحاك السمرقندي. فقال له الرضا عليهالسلام : يا يحيى سل عمّا شئت ، فقال : نتكلم في الإمامة. ثمّ قال :
كيف ادعيت الإمامة لمن لم يؤم وتركت من أمّ؟
فقال الرضا عليهالسلام : يا يحيى ، أخبرني عن مَن صدّق كاذباً على نفسه أيكون محقاً مصيباً؟ أو مبطلاً مخطئاً؟! فسكت يحيى. فقال له المأمون : أجبه! فقال : يعفيني أمير المؤمنين من جوابه! فالتفت المأمون إلى الرضا عليهالسلام وقال له : يا أبا الحسن ؛ عرّفنا الغرض في هذه المسألة.
فقال عليهالسلام : لابدّ ليحيى من أن يخبر عن أئمته أنهم كذبوا على أنفسهم أو صدقوا؟ فإن زعم أنهم كذبوا فلا أمانة لكذاب! وإن زعم أنهم صدقوا فقد قال أولهم : «وليتكم ولست بخيركم» وقال صاحبه : «كانت بيعته فلتة! فمن عاد لمثلها فاقتلوه» فوالله ما رضي لمن يفعل مثل فعلهم إلّاالقتل! والخيرية لا تقع إلّابنعوت! منها العلم ، ومنها الجهاد ، وسائر الفضائل ، فمن لم تكن فيه فليس بخير الناس ، ومن كانت بيعته فلتة يجب القتل على من فعل مثلها ، فكيف يُقبل عهده إلى غيره؟! وهو يقول على المنبر : «إن لي شيطاناً يعتريني ، فإذا مال بي فقوّموني ، وإذا أخطأت فأرشدوني» فهؤلاء ليسوا أئمة بقولهم إن صدقوا أو كذبوا! فما عند يحيى جواب لهذا؟!
فقال المأمون : يا أبا الحسن ؛ ما في الأرض من يحسن هذا سواك!
وقال الصولي : وكان المأمون يحبّ سقطات الرضا وأن يعلوه المحتج ، وإن أظهر غيره (١).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٣١.