أن تقيم بخراسان حتّى تسكن قلوب الناس ويتناسوا ما كان من أمر أخيك محمّد. ثمّ أراد أن يذكّره بقوّاده المخالفين له في ذلك فقال له :
يا أمير المؤمنين ، وهاهنا مشايخ قد خدموا الرشيد وعرفوا الأُمور ، فاستشرهم في ذلك ، فإن أشاروا بذلك فأمضه. فسأله المأمون : مثل مَن؟ فقال : مثل علي بن أبي عمران وأبي يونس (١)!
وهؤلاء ، هم الذين نقموا عليه بيعته لأبي الحسن الرضا بولاية عهده ولم يرضوا به فحبسهم المأمون. فقال : نعم.
فلمّا كان الغد ودخل الرضا على المأمون حكى له المأمون ما قاله ذوالرياستين ، ثمّ دعا بإخراج هؤلاء من الحبس ودعا بهم إليه. فأوّل من ادخل كان علي بن أبي عمران ، فلمّا نظر إلى الرضا بجنب المأمون قال له : يا أمير المؤمنين أُعيذك بالله أن تُخرج هذا الأمر الذي جعله الله لكم وخصكم به (!) وتجعله في أيدي أعداءكم ومن كان آباؤك يقتلونهم ويشرّدونهم في البلاد!
فقال له المأمون : يابن الزانية! وأنت بعد على هذا؟! ثمّ نادى على الحرسي : يا حرسي! قدِّمه فاضرب عنقه! فقُتل.
ثمّ ادخل أبو يونس (؟) فلمّا نظر إلى الرضا بجنب المأمون قال له : يا أمير المؤمنين ، هذا الذي بجنبك صنم يُعبد من دون الله! فقال له المأمون : وأنت ـ يابن الزانية ـ بعد على هذا؟! ثمّ نادى بالحرسيّ : يا حرسيّ قدمه فاقتله.
__________________
(١) عطف المبرد هنا عليهما لقب الجلودي ، وكرره نحو عشر مرات بلا اسم ، واسم الجلودي المشاهَد في تاريخ الرشيد والمأمون هو عيسى بن يزيد ، ويزيد ذكره بعد عودة المأمون إلى بغداد ، وهنا ينفرد الخبر بذكر هجوم له في عهد الرشيد على دار الرضا عليهالسلام! ثمّ يذكر قتل المأمون له هنا! فلا عبرة بهذا المقطع من الخبر ، فأسقطناه.