فلمّا كان الغد قلنا : مأتم من؟ قال : مأتم خير من على ظهرها! وبعد ذلك بأيام أتانا خبر أبي الحسن الرضا عليهالسلام وإذا به قد مات في ذلك اليوم (١).
وبدأ بأداء ما على أبيه الرضا عليهالسلام من دين ، ومن ذلك أربعة آلاف درهم للمطرِّفي رجل من أهل المدينة ، فأرسل إليه الجواد عليهالسلام : إذا كان غداً فأتني بميزان وأوزان! فدخل الرجل بها عليه فقال له : مضى أبو الحسن (الرضا) ولك عليه أربعة آلاف درهم؟ قلت : نعم. فرفع طرف المصلّى الذي كان تحته فإذا تحتها ما يفي بدينه عليه (٢).
وكان أبو الحسن علي بن أسباط بن سالم الكوفي فطحياً ، فناقشه علي بن مهزيار حتى ردّه عنها ، وكان بيّاعاً للثياب الزطّية من مصر ، وفيها بعض الشيعة ، فلما قُتل الرضا عليهالسلام دخل إلى الجواد عليهالسلام قال : فنظرت إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فبينا أنا كذلك إذ قعد عليهالسلام وقال لي : يا علي! إنّ الله يحتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوة فقال : (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً (٣)) وقال : (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (٤)) فقد يجوز أن يؤتى الحكم صبياً ، ويجوز أن يُعطاها (الرجل) وهو ابن أربعين سنة (٥). فأخبره بما أضمره.
__________________
(١) إعلام الورى ٢ : ١٠٠ عن نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى العطار القمي ، وفي دلائل الإمامة : ٤٠١ ، الحديث ٣٥٩.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٤٩٧ ، الحديث ١١ ، باب مولد الجواد عليهالسلام.
(٣) مريم : ١٢.
(٤) الأحقاف : ١٥.
(٥) بصائر الدرجات : ٢٥٨ ، الحديث ١٠ ، وأُصول الكافي ١ : ٤٩٤ ، الحديث ٤ ، باب مولد الجواد عليهالسلام.