ووجوه الناس في بغداد فسلّموا عليه. ثمّ لما انتصف شهر صفر (٢٠٤ ه) دخل بغداد يوم السبت ، ولباسه ولباس أصحابه وأعلامهم كلها الخضرة ، حتى نزل قصر الرصافة ، ونزل طاهر بأصحابه الخيزرانية ثمّ بقصره على دجلة.
ثمّ إنّه أمر طاهر بن الحسين أن يسأله حوائجه ، فكان أول حاجة سألها أن يطرح الخضرة ويعود للسواد (١).
فأعدّ له خِلع سواد له ولعدد من قوّاده الكبار ، وجاء السبت القادم في أواخر شهر صفر (٢٠٤ ه) فقعد لهم وعليه ثياب خُضر ، فلما اجتمعوا عنده دعا بسواد فلبسه ، ثمّ دعا بخلعة سواد فالبسها الخزاعي ، ثمّ دعا بعدة من قوّاده فألبسهم أقبية وقلانس سوداً ، فلما خرجوا من عنده وعليهم السواد طرح القواد والجند لبس الخضرة ولبسوا السواد ، هذا ولم يكن معه يومئذٍ إلّاخمسون ألف درهم (٢).
وبلغ المأمون أنّ الفضل بن الربيع قد مات وشهد بذلك عنده جماعة! فأمر المأمون أن تقبض أمواله وعقاراته وضياعه. ومنها ضيعة تبلغ ماليّتها ثلاثمئة وستون ألف درهم ، ومنها داره أو قصره.
وكان محمد بن صالح بن المنصور العباسي بايع للمأمون فامتنع من البيعة لابراهيم العباسي ، فلما دخل المأمون بغداد زوّجه اخته خديجة بنت الرشيد ، وأمر له بألفي ألف درهم مكافأة له ، وأنزله دار الفضل بن الربيع ، وأعفاه من الركوب إليه.
__________________
(١) ونقل السبط هنا عن الصولي اجتماع العباسيين إلى كبيرتهم زينب بنت سليمان وحوارها مع المأمون ، تذكرة الخواص ٢ : ٤٨٣. وسيأتي في : ١٩٨ ، ١٩٩.
(٢) تاريخ الطبري ٨ : ٥٦٨ و ٥٧٣ ـ ٥٧٥.