فنثرته عليهما! فسألها المأمون عن عدد الدرّ؟ فقالت : ألف حبّة! فأمر المأمون أن تُجمع ، وجمع المأمون ذلك الدر في آنية فوضعها في حجر پوران وقال لها : هذه نحلتك ، وسلي حوائجك. وكانت أُم جعفر تريد الحج فسألته پوران أن يأذن لها فأذن لها ، وسألته العفو عن إبراهيم المغنّي فعفا عنه. وابتنى بها في تلك الليلة.
وكان الحسن قد أعدّ لها شمعة من العنبر أربعين منّاً! في تور من ذهب! بل شمعتين ، فكثر دخانهما فقال : ارفعوهما وهاتوا الشمع. وكان المأمون قد نحل فم الصِّلح لُام جعفر فنحلتها الليلة لپوران! وكتب الحسن رقاعاً فيها أسماء ضياعه فنثرها على العباسيين وقوّادهم ، فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث من يتسلّمها له.
ثمّ أقام المأمون عند الحسن سبعة عشر يوماً أو أربعين يوماً ، يُعدّ الحسن لجميع من معه جميع ما يحتاجون إليه ، وخلع على القوّاد على مراتبهم وحملهم ووصلهم ، فكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم! فأمر المأمون غسّان بن عبّاد أن يدفع إلى الحسن عشرة آلاف ألف! فدفعها إليه ، فجلس الحسن ففرّقها في أصحابه وحشمه وخدمه وقوّاده. وكانت ام جعفر أنفقت إلى سبعة وثلاثين ألف ألف درهم ، وحمدونة أنفقت خمسة وعشرين ألف ألف (١).
وخبر رقاع الضياع رواه الطبري عن أحمد بن الحسن بن سهل قال : كان أهلنا يتحدثون .. فلم يكن مشاهداً حاضراً ناظراً ، وزاد المسعودي : أسماء جوار وصفات دواب وغير ذلك ، وزاد على العباسيين وقوّادهم : الوجوه والكُتّاب : بنادق مسك فيها رقاع .. فيجد فيها على قدر إقباله وسعوده! وعلى الناس :
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٦٠٦ ـ ٦٠٩ عن عدّة رواة : كاتب المأمون وأحمد بن الحسن بن سهل.