فقال لهم المأمون : والله إنه لأفقه منكم وأعلم بالله وبرسوله وبفرائضه وسننه وأحكامه ، وأقرأ لكتاب الله ، وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصّه وعامّه ، وناسخه ومنسوخه ، وتنزيله وتأويله منكم ، فاسألوه ، فإن كان الأمر كما قلتم قبلت منكم في أمره ، وإن كان كما قلت علمتم أنّ الرجل (!) خير منكم! فخرجوا من عنده (على ذلك).
(وكان قاضي قضاة الزمان يحيى بن أكثم التميمي المروي) فبعثوا إليه وأطمعوه في هدايا! على أن يحتال لأبي جعفر عليهالسلام بمسألة عند المأمون لا يدري كيف الجواب فيها!
فلما حضروا وحضر أبو جعفر عليهالسلام قالوا : يا أمير المؤمنين! هذا يحيى بن أكثم ، إن أذنت له أن يسأل أبا جعفر عن مسألة؟
فقال المأمون له : يا يحيى ؛ سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه؟
فقال يحيى : يا أبا جعفر! أصلحك الله ، ما تقول في محرم قتل صيداً؟
فقال أبو جعفر عليهالسلام : قتله في حلّ أو حرم؟ عالماً أو جاهلاً؟ عمداً أو خطأً؟ عبداً أو حراً؟ صغيراً أو كبيراً؟ مُبدئاً أو مُعيداً؟ من ذوات الطير أو من غيرها؟ من صغار الصيد أو من كبارها؟ مُصرّاً عليها أو نادماً؟ بالليل في وكرها أو بالنهار جهاراً؟ محرماً للعمرة أو للحج؟
فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعاً لم يخفَ على أهل المجلس ، وأكثر الناس تعجباً من جوابه عليهالسلام.
ونشط المأمون فقال : نخطب يا أبا جعفر؟! قال : نعم يا أمير المؤمنين! فقال المأمون : «الحمد لله اقراراً بنعمته ، ولا إله إلّاالله إخلاصاً لعظمته. وصلّى الله على محمد عند ذكره. (وبعد) فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال