فقال المأمون : نعم ، قد زوجتك ـ يا أبا جعفر ـ أُم الفضل ابنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : قد قبلت ذلك ورضيت به (١).
واختار خطيب بغداد أن يرويها عن قاضيها التميمي البصري يحيى بن أكثم : أنّ المأمون خطب فقال :
الحمد لله الذي تصاغرت الأُمور لمشيّته ، ولا إله إلّاالله إقراراً بربوبيته. وصلّى الله على محمد عبده وخيرته. أما بعد ، فإنّ الله جعل النكاح الذي رضيه لكما سبب المناسبة ، ألا وإني قد زوجت زينب ابنتي من محمد بن علي بن موسى الرضا ، أمهرناها عنه أربعمئة درهم (٢) ثمّ كتم ابن الأكثم ما تلعثم به في الكلام أمام الإمام عليهالسلام ، ولم يستنطقه الخطيب!
وهنا يشترك خبر الريّان والنصيبي في نصب الموائد للوليمة للناس على مراتبهم الخاصة في دار الخاصة والعامة في دار العامة. وأنّ المأمون كان قد أعدّ سفينة من فضة على عجلات! مشدودة بحبال من الابريسم ، مملوءة من العطور الغالية من دهن البان والعود والعنبر والمسك والكافور! فإذا بالخدم يجرونها بحبال الإبريسم إلى دار الخاصة ، فأمر المأمون أن تخضب لحى الخاصة منها ، ثمّ مرّوا بها إلى دار العامة فطيّبوهم بها. وإنما اختلف الخبران في تقديم الطيب أو الطعام ، وتفرّق الناس ، وبقي الخاصة.
فقال المأمون لأبي جعفر : إن رأيت ـ جُعلت فداك ـ أن تذكر الفقه فيما فصّلته من وجوه قتل المحرم الصيد : ما الذي يجب على كل صنف من هذه الأصناف التي ذكرت ، لنعلمه ونستفيده. وأمر المأمون أن يُكتب ذلك كلّه عن أبي جعفر عليهالسلام.
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.
(٢) عن تاريخ بغداد في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤١٤.