فقال المأمون : هذا مستحيل ، من قِبَل أن الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهى بعمر ويدع نبيّه ، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة!
ثمّ قال المأمون : وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : دخلت الجنة (في المعراج) فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة! وإنما قالت «الشيعة» : علي خير من أبي بكر ، فقلتم : عبد أبي بكر خير من الرسول صلىاللهعليهوآله ، فإنّ السابق أفضل من المسبوق!
قال : وكما رويتم : أنّ الشيطان يفرّ من ظل عمر! و (رويتم) : أنّ الشيطان ألقى على لسان نبي الله : «وهي الغرانيق العلى»! فهو فرّ من عمر ، ولكنه ألقى على لسان النبيّ الكفر بزعمكم!
قال آخر : قد قال النبي صلىاللهعليهوآله : لو نزل العذاب ما نجا إلّاعمر بن الخطاب!
قال المأمون : هذا خلاف الكتاب أيضاً ؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيّه : (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (١)) فجعلتم عمر مثل الرسول!
قال آخر : فقد شهد النبيّ لعمر بالجنة في «عشرة» من الصحابة.
قال المأمون : لو كان هذا كما زعمتم لما كان عمر يقول لحذيفة : نشدتك بالله أمن «المنافقين» أنا؟ فإن كان قد قال له النبيّ : أنت من أهل الجنة ، ولم يصدّقه حتى زكّاه حذيفة ؛ فصدّق حذيفة ولم يصدّق النبي ، فهذا على غير الإسلام! وإن كان قد صدّق النبيّ فلِم سأل حذيفة؟! فهذان الخبران متعارضان.
قال الآخر : فقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : وضعتُ في كفّة الميزان ووضعت أُمتي في كفّة أُخرى فرجحتُ بهم ، ثمّ وُضع مكاني أبو بكر فرجح بهم ، ثمّ عمر فرجح بهم ، ثمّ رُفع الميزان!
__________________
(١) الأنفال : ٣٣.