فقال المأمون : هذا محال ، مِن قِبل أن لا يخلو من أن يكون الموزون أجسامهما أو أعمالهما ؛ فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال ، لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأُمة! وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد ، فكيف يرجح بما ليس (موجوداً)!
ثمّ قال لهم : أخبروني بما يتفاضل الناس؟ فقال بعضهم : بالأعمال الصالحة.
قال : فأخبروني عمّن فضل صاحبه على عهد النبيّ ثمّ إنّ المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي ، أيلحق به؟ فإن قلتم :
نعم ، أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً وحجاً وصوماً وصلاة وصدقة من أحدهم.
ثمّ قال المأمون : فانظروا فيما روت أئمتكم ـ الذين عنهم أخذتم أديانكم ـ في فضائل علي ، وقيسوا إليها ما رووا في فضائل تمام «العشرة» الذين شهدوا لهم بالجنة ، فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم. وإن كانوا قد رووا في فضائل علي أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تعدوه.
ثمّ قال المأمون : فإني أسألكم : خبّروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيّه صلىاللهعليهوآله؟
قالوا : السبق إلى الإسلام ؛ لأنّ الله تعالى يقول : (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١)).
قال : فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟!
قالوا : إنه سبق حدثاً لم يجر عليه حكم ، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم ، وبين هاتين الحالتين فرق!
__________________
(١) الواقعة : ١٠ و ١١.