فلما اجتمع أمره وعدهم لليلة بعينها فاجتمعوا إليه ونزل من القلعة إليهم .. وسمع أحدهم يقول : إنما خرجنا معكم لنكتسب وننتفع ونأخذ ما نحتاج إليه! فقال : يا إبراهيم أبمثل هذا ينتصر دين الله؟! ثمّ قال لنا : فرّقوا الناس عنّي حتى أرى رأيي! فخرجنا إلى الناس وقلنا لهم ذلك ، فتفرقوا.
ورحل محمد بن القاسم من وقته إلى الطالقان أربعين فرسخاً! فنزلها وتفرقنا ندعو الناس إليه ، فاجتمع عليه عالم منهم ، على أنه إذا ظفر بهم اختار من يرضاه من جنده ، فأتم عزمه وخرج في الناس.
وبلغ خبره إلى عبد الله بن طاهر الخزاعي (مولاهم) والي خراسان ، فوجّه إليه صاحب شرطته الحسين بن نوح ، فلقيناه وقاتلناه فهزمناه. فجرّد عبد الله قائداً آخر يقال له نوح بن جان ، فلقيناه فهزمناه ، فأمده عبد الله بجيش ضخم ، فأكمن لنا كمناء في عدة مواضع ، فلما التقينا قاتلنا ساعة ثمّ انهزم فرّاً ليكر ، فاتبعه أصحابنا وخرجت الكمناء عليهم من كل وجه فانهزمنا.
وأفلت محمد بن القاسم إلى بلدة نسأ من خراسان متستّراً. وبلغ خبره إلى عبد الله بن طاهر فأعدّ ألف فارس من نخبة عسكره مع مئة ألف درهم ، ودعا إبراهيم بن غسّان العودي وأمّره عليهم وجعل معه دليلاً يدلّه ، وأعدّ له كتاباً لا يقرأه حتى يصير على فرسخ من نسأ ، وجعل عليه عيناً. فلما قرأ الكتاب إذا فيه : عبّئ أصحابك ، ثمّ أنفذ قائداً من قوّادك في خمسمئة فارس إلى باب عاملها تحرّزاً من وقوع حيلة ، وأنفذ قائداً في ثلاثمئة يحدق هو وأصحابه بدار صاحب البريد كذلك تحرّزاً ، وسر في باقي أصحابك (ثلاثمئة) إلى محلّة كذا ودرب كذا ودار فلان وغرفة فلان وفيها محمد بن القاسم ومعه رجل من أصحابه يقال له أبو تراب فأوثِقهما بالحديد وأنفِذهما مع رُسلك يصيرون إليَّ في اليوم الثالث!