قال إبراهيم العودي فصرت إليه وهو قد أعدّ بغلاً يريد الرحيل إلى خوارزم فقبضت عليه وأرسلته ، وسرت إلى نيسابور في ستة أيام ، فأقامه في نيسابور ثلاثة أشهر يعمّي خبره على الناس كي لا يُغلب عليه لكثرة من بايعه من كور خراسان ، وكان عبد الله يخرج من اصطبله بغالاً عليها القباب ليوهم الناس أنه قد أخرجه ، ثمّ يردها. حتى أخرجه في جوف الليل مع إبراهيم بن غسّان إلى الريّ ، وأمره أن يخرج في كل ثلاث ليال ومعه بغل عليه قبة ومعه جيش حتى يجوز الريّ بفراسخ ثمّ يعود ، إلى أن يمكنه سلّه في ليلة مظلمة ، خوفاً من أن يُغلب عليه لكثرة من أجابه حتى أخرجه من الريّ ولم يعلم به أحد.
حتى إذا وردنا النهروان فكتبنا إلى المعتصم بالخبر واستأذناه للدخول ، فورد علينا كتابه يأمرنا أن نأخذ جلال القبة ونسير به مكشوفاً! فإذا وردنا النهرين أن نأخذ عمامته وندخله بغداد حاسراً! ودخلنا الشماسية في يوم النيروز من سنة (٢١٩ ه) وقد أعدّوا له أصحاب السماجة والفرغانيين يلعبون بين يديه ويرقصون ، ومحمد العلوي يبكي ويقول : اللهمّ إنك تعلم أني لم أزل حريصاً على تغيير هذا وإنكاره! ويسبّح ويستغفر الله ويدعو عليهم ، والمعتصم في جوسق له بالشماسية ينظر إلى ذلك.
ثمّ أمر بدفعه إلى مسرور الخادم فحبسه في سرداب شبيه بالبئر كاد أن يموت فيه! ثمّ أخرجوه إلى قبة في بستان موسى مع المعتصم في قصره وعليه عدّة من الغلمان.
وصارت ليلة الفطر من تلك السنة (٢١٩ ه) وقد أُدخلت الرياحين والفواكه ووسائل العيد على رؤوس الحمّالين إلى البستان ، وطاف الحمالون إلى قبة محمد بن القاسم العلوي فباتوا حولها ، وكان للقبة روزن فرمى بنفسه من القبة إلى أسفل ونام بين الحمالين ، فلما طلع الفجر خرج معهم وأفلت فلم يجدوه!