وأنّه ولّاه العهد ، وسمّاه «الرضا» وأمر بلُبس الخضرة ، والعود لبيعته في الخميس الآخر ، على أن يأخذوا رزق سنة!
فلمّا كان ذلك اليوم حضر القضاة والقواد في الخضرة بدل السواد ، وأمر المأمون فوُضع للرضا عليهالسلام وسادتان عظيمتان إلى مجلسه ، وأحضر الرضا (في الخضار) وعليه عمامة (خضراء) وسيف ووضعت البدر (كل بدرة عشرة آلاف درهم جوائز) (١).
ثمّ صعد المأمون المنبر (فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله) ثمّ قال : أيها الناس ، قد جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ثمّ قال : والله لو قرئت هذه الأسماء على الصمّ البكم لبرئوا بإذن الله عزوجل (٢).
وكان للمأمون يومئذ اثنتان وثلاثون سنة وابنه البكر العباس بن عبد الله دون المراهقة ، فولّى عهده يومئذ للرضا عليهالسلام دون ابنه العباس هذا ، بل أمره أول الناس أن يبايع ، فقام إليه ليبايع فرفع الرضا عليهالسلام يده وأوقفها ظهرها إليه وبطنها إلى الناس! فقال المأمون له : ابسط يدك للبيعة! فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله هكذا كان يبايع! فبايعه العباس بن المأمون كذلك.
ثمّ كان يدعو سائر الناس أبو عبّاد ، فنادى عمّ الرضا محمّد بن جعفر بن محمّد العلوي ، فقام حتّى قرب من المأمون (وبايع) ثمّ مضى فأخذ جائزته ورجع إلى مجلسه ، ثمّ جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيبايعان ثمّ يقبضان جوائزهما ، حتّى نفدت الأموال.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٧٦ بطريقين ، وعنه في الإرشاد ٢ : ٢٦١ بلا إسناد.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٤٧ ، الباب ٤٠ الحديث ١٨ ، والأمالي : ٧٥٨ ، الحديث ١٥ ، م ٩٤.