وحقن الدماء ، وصلاح ذات البين وجمع الأُلفة! وفي خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين واختلالهم ، واختلاف ملتهم وقهر دينهم واستعلاء عدوّهم وتفرّق الكلمة وخسران الدنيا والآخرة!
فحق على من استخلفه الله في أرضه وائتمنه على خلقه : أن يُجهد لله نفسه ، ويؤثر ما فيه رضا الله وطاعته ، ويعتدّ لما الله مواقفه عليه ومسائله عنه! وأن يحكم بالحق ويعمل بالعدل فيما حمّله الله وقلّده ، فإنّ الله عزوجل يقول لنبيّه داود عليهالسلام : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (١)) وقال الله عزوجل : (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢)) وبلغنا : أن عمر بن الخطاب قال : لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوّفت أن يسألني الله عنها!
وأيم الله ؛ إنّ المسؤول عن خاصّة نفسه ، الموقوف على عمله فيما بين الله وبينه ، ليُعرض على أمر كبير وخطر عظيم! فكيف بالمسؤول عن رعاية الأُمة؟! وبالله الثقة وإليه المفزع والرغبة في التوفيق والعصمة والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة ، والفوز من الله بالرضوان والرحمة.
وإنّ أَنظر الأُمة لنفسه وأنصحهم لله في دينه وعباده من خلائقه في أرضه : مَن عمل بطاعة الله وكتابه وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله في مدة أيامه وبعدها ، وأجهد رأيه ونظره فيمن يولّيه عهده ويختاره لإمامة المسلمين ورعايتهم بعده ، وينصبه علماً لهم ومفزعاً لجمع الفتهم ولمّ شعثهم وحقن دمائهم ، والأمن بإذن الله من فُرقتهم
__________________
(١) ص : ٢٦.
(٢) الحجر : ٩٢ ـ ٩٣.