وكان الواثق أبيض مشرَّباً بحمرة ، حسن الجسم عريض الصدر كثّ اللحية ، وفي عينيه اليسرى نكتة بياض ، يذهب في كثير من أُموره مذاهب المأمون (١) وسلك في المذهب طريقة أبيه وعمّه المأمون من القول بالعدل (٢) وكلّموه لاسترداد فدك فقال : كان المأمون أعلم به منّا (٣) ودفن بقصره الهاروني (٤) وادّعى المتوكل أنّه رأى في نومه كأنّه سقط عليه من السماء سكريني سليم (؟!) مكتوب عليه : جعفر المتوكل على الله! فأمضاه قاضيه ابن أبي دؤاد وكتب به إلى الآفاق (٥)! وكان المتوكل يعتمد على محمد بن عبد الملك الزيّات بأُمور كثيرة ولكنّه أقرّ الأُمور على ما كانت عليه أربعين يوماً (إلى أربعين أخيه الواثق) ثمّ أظهر غضبه على الزيّات فاصطفى أمواله وعذّبه حتّى مات (٦).
وقال المسعودي : استوزر الزيّات أربعين يوماً ثمّ قتله ، وكان يحيى بن خاقان المروزي حياً واستوزر ابنه عبيد الله (واستبدل قاضيه ابن أبي دؤاد) بالقاضي السابق يحيى بن أكثم (٧) التميمي البصري. وكان سخطه على الزيات بعد خلافته بأشهر! فقبض منه كل ما كان له.
وكان الزيات في أيام وزارته للمعتصم وابنه الواثق اتخذ للمصادَرين
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣١٣.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٤٧٧.
(٣) كشف الغمة ٢ : ٢٤٣.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٥.
(٥) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤١٢.
(٦) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٤.
(٧) التنبيه والإشراف : ٣١٤.