للقبر فكل من جنوده خشي العقوبة وأحجم! فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين (أو قبّة الحسين) فأقدم الفعلة عليه حتى انتهوا إلى الحفرة (١).
وأسند الأُموي الزيدي عن أحمد بن الجعد : أنّ المتوكل كان قبل خلافته إذا أراد أن يشرب (الخمر) طلب بعض الجواري تغنّي له ، فلمّا ولي الخلافة وكان شهر شعبان وأراد أن يشرب طلبها فلم يجدوها له. فلمّا عادت وبلغها خبره بعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها ، فسألها ، أين كنتم؟ فقالت : أخرجتنا مولاتنا معها إلى الحج! فقال : أحججتم في شعبان؟! فقالت : حججنا إلى قبر الحسين عليهالسلام!
فأمر بها فحبسها وصادر أملامكها ، وكان له قائد كان يهودياً فأسلم يسمّى إبراهيم الديزج ، فبعث به وأمره بكرب قبر الحسين ومحوه وتخريب ما حوله! فاستحضر معه من قومه اليهود ومضى لذلك فخرّب ما حوله وهدم البناء على قبره ، وكرب ما حوله نحو مئتي جريب! فلمّا بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه مسلم ، فأحضر قومه اليهود فكربوه!
ثمّ جعل مسالح (مخافر) هناك بين كل مسلحتين ميل ، ووكل إليهم أن لا يزوره زائر إلّاأخذوه ووجّهوا به إليه ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلّاأتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة!
واتّفق للمتوكل أنّ وزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان كان يسيء الرأي في آل أبي طالب فحسّن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله ، كان شديد الوطأة عليهم وغليظاً على جماعتهم مهتمّاً بأُمورهم شديد الحقد والغيظ عليهم وسوء الظن والتهمة لهم (٢)!
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٥١.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٩٥ ، ٣٩٦.