وكان على حِمص أبو المغيص موسى بن إبراهيم فوثب عليه أهلها سنة (٢٤٠) فخرج منها إلى حَماة ، فولّى المتوكل محمد بن عبدويه فسكّنهم عدة شهور ثمّ وثبوا عليه أيضاً فمكر بهم حتّى أخذ جماعة من وجوههم وأوثقهم في الأغلال إلى المتوكل فردّهم إليه فضربهم حتّى ماتوا فصلبهم على أبواب منازلهم وأفناهم.
واجتمع كتّاب دواوين الخراج وقالوا : إنّ البلاد بحاجة إلى التعديل ولا يقوم به إلّاوالي ديوان الخراج ، فولّى المتوكل أحمد بن محمد على خراج الشام دمشق والأُردن فتوجّه سنة (٢٤٠) إلى تعديل خراج دمشق والأُردن حتّى حمّل كل أرض ما تستحقه.
وبنى المتوكل بها قصوراً أنفق عليها أموالاً عظاماً : الشاة ، والعروس ، والشبداز! والبديع ، والغريب ، والبُرج ، وأنفق على البرج ألف ألف وسبعمئة ألف دينار! (الملويّة)؟
وكأنّ الروم تخوّفوا من انتقام المسلمين لأهل دمياط لذا وجّه ملك الروم بهدايا يسيرة مع رسل إلى المتوكل وباستعدادهم لمفاداة الأسرى ، فبعث المتوكل إليه بأضعاف هداياه. وكان من خدّامه شنيف قيّماً على أُمناء المتوكل ، فوجّه به للفداء ، فجمع أسرى الروم من كل بلاد الإسلام واشترى كثيراً من العبيد النصارى ليفادى بهم. وكان عامل الثغر الرومي يومئذ أحمد بن يحيى الأرمني! فخرج شنيف بالأسرى والعبيد إلى طرسوس سنة (٢٤١ ه) ثمّ إلى قنطرة نهر لامس ، ففادى الأسرى (١).
ومن تاريخ المذاهب : كان أبو ثور الكلبي البغدادي على مذهب أهل الرأي (الحنفي) حتّى قدم الشافعي إلى بغداد وصاحَبه فاتّبعه ونشر فتاواه القديمة (قبل
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٠ ، ٤٩١ ولم يذكر ابن العبري خبر مفاداة الأسرى النصارى!