قال له المأمون : يا زيد ، خرجت بالبصرة وتركت أن تبدأ بدور أعدائنا من بني أُمية وآل زياد وعدي وباهلة وثقيف! وقصدت دور بني عمك!
وكان زيد مزّاحاً فقال له : يا أمير المؤمنين ؛ أخطأتُ من كل جهة! وإن عدتُ بدأتُ بهم!
فضحك المأمون. ثمّ بعث به إلى أخيه الرضا وقال له : وهبت جرمه لك! فلمّا جاءوا به إليه عنّفه ثمّ حلف أن لا يكلّمه ما عاش أبداً (١)!
ونقل الصدوق عن كتاب «الأوراق في الوزراء والكتاب» لمحمد بن يحيى الصولي بسنده قال : قال المأمون للرضا عليهالسلام في أخيه زيد بن موسى : لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج من قبله زيد بن علي فقُتل! ولولا مكانك مني لقتلته! فليس ما أتاه بصغير!
فقال له الرضا عليهالسلام : يا أمير المؤمنين ، لا تقِس أخي زيداً إلى زيد بن علي! فإنه كان من علماء آل محمد ، غضب لله عزوجل فجاهد أعداءه حتى قُتل في سبيله!
ولقد حدّثني أبي أنه سمع أباه يقول : رحم الله عمّي زيداً ، إنه دعا إلى الرضى من آل محمد ، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه! ولقد استشارني في خروجه فقلت له : يا عم ، إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنَك! فلما ولّى قال : ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه!
فقال المأمون : يا أبا الحسن ؛ أليس قد جاء في من ادّعى الإمامة بغير حقها ما جاء!
فقال الرضا عليهالسلام : إنّ زيد بن علي لم يك يدّعي ما ليس له بحق ، وإنه كان أتقى لله من ذلك ، إنه قال أدعوكم إلى الرضى من آل محمد عليهمالسلام. وإنما جاء ما جاء
__________________
(١) المصدر ٢ : ٢٣٣ ، الحديث ٢.