في من ادّعى أنّ الله تعالى «نصّ» عليه ثمّ هو يدعو إلى غير دين الله ويُضل عن سبيله بغير علم. وكان زيد ـ والله ـ ممن خوطب بهذه الآية : (وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ (١)).
وأسند عن إبراهيم بن هاشم القمي عن ياسر خادم المأمون قال : قال المأمون : اذهبوا به إلى أبي الحسن. فلمّا أُدخل إليه قال له أبو الحسن :
يا زيد! أغرّك قول نَقلَة أهل الكوفة : «إنّ فاطمة عليهاالسلام أحصنت فرجها ، فحرّم الله ذريتها على النار» إن ذلك للحسن والحسين خاصة ، إن كنت ترى أنّك تعصي الله عزوجل وتدخل الجنة ، وموسى بن جعفر عليهالسلام أطاع الله ودخل الجنة ، فأنت إذن أكرم على الله عزوجل من موسى بن جعفر عليهالسلام! والله ما ينال أحد ما عند الله عزوجل إلّابطاعته ، وزعمت أنك تناله بمعصيته؟! فبئس ما زعمت!
فقال له زيد : أنا أخوك وابن أبيك!
فقال له أبو الحسن : أنت أخي ما أطعت الله! إنّ نوحاً عليهالسلام قال : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) فقال الله عزوجل : (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ (٢)) فأخرجه الله عزوجل من أن يكون من أهله بمعصيته (٣)!
يا زيد اتّق الله ، فإنه بلغْنا ما بلغْنا بالتقوى! فمن لم يتّقِ الله ولم يراقبه فليس منّا ولسنا منه! يا زيد ، إياك أن تهين من به تصول من «شيعتنا» فيذهب نورك ؛
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٨ ، ٢٤٩. والآية في الحج : ٧٨ ولعلّ المأمون التقط لقب «الرضا» للرضا عليهالسلام من هنا!
(٢) هود : ٤٥ و ٤٦.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٣٤ ، الباب ٥٨ ، الحديث ٤.