فلمّا نزلت مرو فإذا غلمان الرضا عليهالسلام جاؤوا وقالوا : نريد حُلّة نكفّن بها بعض غلماننا. فقلت لهم : ما عندي. فمضوا ثمّ عادوا وقالوا : مولانا يقرأ عليك السلام ويقول لك : معك حلة في السفط (١) الفلاني ، دفعْتها إليك ابنتك وقالت لك : اشتر لي بثمنها فيروزجاً! وهذا ثمنها (٢).
قال : وحملت الكتاب معي في كُمّي وصرت إلى منزل الرضا ، اريد منه خلوة أُناوله الكتاب وأسأله ، وكان بالباب جماعة جلوس يتحدثون ، وأنا افكر في الاحتيال للدخول عليه ، وإذا أنا بغلام قد خرج من الدار وبيده كتاب ونادى : أيكم الحسن بن علي الوشاء ابن بنت إلياس البغدادي؟ فقمت إليه وقلت له : أنا الحسن بن علي ، فقال : امرت بدفع هذا الكتاب إليك فهاك خذه! فأخذته وتنحّيت ناحية وقرأته ، فإذا فيه ـ والله ـ جواب مسائلي مسألة فمسألة. فعند ذلك تركت الوقف وقطعت بإمامته (٣).
وكأنّ الطوسي جمع الخبرين واختصرهما قال : خرجت إلى خراسان في تجارة لي ، فلمّا وردته (كذا) بعث إليّ أبو الحسن الرضا عليهالسلام يطلب مني حِبرة ، وكانت بين ثيابي وقد خفي عليَّ أمرها ، فقلت : ما معي منها شيء! فردّ الرسول وذكر علامتها وأنها في سفط كذا ، فطلبتها فكان كما قال ، فبعثت بها إليه. ثمّ كتبت مسائل أسأله عنها ، فلمّا وردتُ بابه خرج إليّ جواب تلك المسائل التي أردت أن أسأله عنها من غير أن أظهرها عليه (٤).
__________________
(١) سفط معرّب سبد بالفارسية.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٧٠ ، وفي عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٩٩ الباب ٥٥ ، الحديث ٢ : أبضع معي رجل ثوباً وكنت قد نسيته.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٢٩ ، الباب ٥٥.
(٤) الغيبة للطوسي : ٧٢ ، الحديث ٧٧.