وكأنّه بعد ذلك أخذ يحضر محضر الرضا عليهالسلام قال : كنت في مجلسه بخراسان وهو مقبل على قوم يحدّثهم ، وفي المجلس أخوه زيد بن موسى وقد أقبل زيد على جماعة يفخر عليهم ويقول : نحن ونحن! وسمع أبو الحسن مقالة زيد فالتفت إليه وقال له :
يا زيد! أغّرك قول ناقلي الكوفة : أن فاطمة عليهاالسلام أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّيتها على النار! فوالله ما ذاك إلّاللحسن والحسين وولد بطنها خاصة! فأما أن يكون موسى بن جعفر عليهالسلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله ، وأنت تعصيه ثمّ تجيئان يوم القيامة سواء! إذن لأنت أعزّ على الله منه!
إنّ علي بن الحسين عليهماالسلام كان يقول : «لمحسننا كِفلان من الأجر ، ولمسيئنا ضعفان من العذاب» ثمّ التفت إليّ وقال لي :
«يا حسن ، كيف تقرؤون هذه الآية (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ (١)) قال حسن : فقلت : من الناس من يقرأ : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) ومنهم من يقرأ : (إِنَّهُ عَمَلُ غَيْرِ صَالِحٍ) فمن قرأ : (إِنَّهُ عَمَلُ غَيْرِ صَالِحٍ) فقد نفاه عن أبيه!
فقال عليهالسلام : كلّا ، لقد كان ابنه ، ولكن لما عصى الله نفاه عن أبيه ، وكذا من كان منا لم يطع الله عزوجل فليس منا! وأنت إذا أطعت الله عزوجل فأنت منا أهل البيت» (٢)!
وكان مع الوشّاء حيث ينزل في مرو رجل من الواقفة يسمى إبراهيم فقال له : إني قد كنت مثلك (واقفياً) ثمّ نوّر الله قلبي! فسل الله أن يريك في منامك! ما تستدل به لهذا الأمر. وكان يوم الثلاثاء فاقترح عليه أن يصوم الأربعاء والخميس
__________________
(١) هود : ٤٦.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٣٢ ، الباب ٥٨ ، الحديث ١.